استياء الحكومة!
الحكومة هي التي تسترت ودافعت عن أخطر ملفات الفساد والهدر الحاتمي في مشاريع كبرى مثل استاد جابر الرياضي ومستشفى جابر ومشروع المطار، وتبديد أموال القطاع النفطي لكبار المسؤولين فيه، وحتى حجوزات الفنادق الوهمية لوزارة الداخلية وصفقاتها من الزهور والبخور، و"جراغيّات" العيد الوطني.
استياء سمو رئيس مجلس الوزراء من تراجع مؤشرات ومدركات الفساد يبعث على الاستياء، مع كل التقدير لشخص سموه، ومثل هذا التعليق يعتبر أقوى دليل على دفعنا للاستسلام باعتبار الفساد أمرا واقعا ويتدحرج أمام ناظري الحكومة مثل كرة الثلج دون تحريك ساكن، اكتفاءً بالزعل!إذا كان رئيس الحكومة مستاءً من وقوعنا إلى درجة الحضيض في فنون الفساد فما على المواطنين قوله أو فعله للمعالجة، فالحكومة الزعلانة نفسها هي التي بطشت بالناس عندما تجمهروا وتظاهروا احتجاجاً على هذا الفساد حتى قبل أن يهبط إلى أكثر من 30 نقطة قبل عدة سنوات.
الحكومة ذاتها لاحقت المغردين الذين كتبوا قصصاً عن الفساد على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم من أودع السجن، ومنهم من طلب اللجوء حفاظاً على سلامته في بريطانيا وسويسرا وكندا.الحكومة نفسها أجهضت الاستجواب تلو الاستجواب في مجلس الأمة على خلفيات قضايا كثيرة من صور الفساد، فكانت الحامي الأول والراعي الرسمي لقيادات الفساد والمفسدين في البلد.الحكومة أيضاً هي التي تسترت ودافعت عن أخطر ملفات الفساد والهدر الحاتمي في مشاريع كبرى مثل استاد جابر الرياضي ومستشفى جابر ومشروع المطار، وتبديد أموال القطاع النفطي لكبار المسؤولين فيه، وحتى حجوزات الفنادق الوهمية لوزارة الداخلية وصفقاتها من الزهور والبخور، و"جراغيّات" العيد الوطني، ولم تكتف عند هذا الحد، بل عوّضت المقصرين ودفعت المزيد من الملايين نيابة عنهم لتصليح أخطائهم وأعادت لهم المناقصات نفسها بمبالغ مضاعفة.ممكن أن أسأل يا سمو الرئيس؟ من شكّل سبع حكومات منذ عام 2011؟ وكم عدد الوزراء الذين تم اختيارهم خلال هذه السنوات؟ ومن أزاح الوزراء الذين بدؤوا بضرب السجادة الوزارية لنفضها من غبار الفساد والمفسدين؟ ومن رفع كتب عدم التعاون مع مجلس الأمة عام 2011، 2012، 2013؟ ومن عيّن يا سمو الرئيس كل القياديين في مفاصل الدولة من وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين والأمناء العامين والأمناء المساعدين ومديري العموم والمديرين المساعدين في كل وزارة وهيئة ومؤسسة ومجلس أعلى، ورفع إلى القيادة السياسية مراسيم تعيينهم؟ ومن يا سمو الرئيس رفع الميزانيات السنوية للدولة ومشاريع قوانين الحسابات الختامية لجميع المؤسسات الحكومية، وهي تطفح بالمخالفات الدستورية وملاحظات ديوان المحاسبة وصوّت لتمريرها في مجلس الأمة؟ ومن أعلن فشل خطة التنمية ذات الميزانية المقدرة بأكثر من 30 مليار دينار دون معرفة أين ذهبت هذه الأموال بعد إعلان إخفاق الخطة؟ يا سمو الرئيس! إن مدركات الفساد وبحسب تقييم جهات مختصة وطنية وعالمية وتقاريرها التفصيلية كانت في تراجع مستمر منذ أكثر من 10 سنوات، فلماذا الاستياء اليوم؟ وما الإجراءات والقرارات وأدوات المحاسبة والتحقيق والملاحقة القانونية التي تم اتخاذها من قبل حكومتكم الموقرة منذ عام 2011؟ يا سمو الرئيس! بعد الإجابة عن هذه الأسئلة بالله عليك مَنْ الذي حقه أن يستاء في هذا البلد؟ ومن يملك القرار والإدارة والشجاعة والمسؤولية ومخافة الله أن يزيل هذا الاستياء؟ أفدنا يا طويل العمر إذا ما تسببنا لسموكم بمزيد من الزعل والاستياء!