الطبقة الجديدة طبقة البطالة المقنعة
إن مصطلح البطالة المقنعة يعني وجود أناس لديهم وظائف ولا يعملون وهم ضمن الكادر الوظيفي، ويتقاضون مرتبات وهم غير منتجين، وأن عُشر أعدادهم يمكن أن يقوم بأعمالهم، فيزداد بينهم التسيب الوظيفي وعدم الالتزام وقلة الإنتاجية إن لم تكن معدومة أصلاً!
في التعريف الاقتصادي للطبقة أنها هي التي تجمعها وحدة المصالح، والدخل المعاشي الشهري أو الموسمي، وملامحها متقاربة، وفي تاريخنا المعاصر معروف أن هناك تقسيماً طبقياً تقليدياً في مجتمعاتنا المكونة من: الطبقة الرأسمالية أو (التجارية) ثم الطبقة الوسطى والطبقة العاملة. وموضوعنا هنا يضيف إلى تلك الطبقات طبقة أخرى جديدة هي طبقة البطالة المقنعة، وهي كبيرة اليوم، وتحددت ملامحها في ظل الأوضاع الاقتصادية الجديدة، خصوصا في الدول النفطية ومنطقة الخليج العربي على الأخص؛ نظراً لوجود وتبلور أوضاع الدولة الريعية التي تكونت في ظلها هذه الطبقة؛ لأن الوظيفة الحكومية هي المجال الرئيس لاستيعاب الأعداد الكبيرة من مخرجات التعليم، فأصبحت هذه الدول تشكو من التضخم الوظيفي وصعوبة وجود مجالات جديدة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب الطالبين للوظيفة في محدودية استيعاب القطاع الخاص لعدد من تلك المخرجات.فأصبح لدينا عدد كبير من الموظفين في سن الشباب من الجنسين يدخلون السلك الوظيفي، لكنهم لا يعملون، أو هم أحد معوقات العمل في بعض المجالات، وبدراسة ميدانية على بعض المجالات التي تزداد فيها أعداد هؤلاء تتضح الصورة أكثر، من هنا لا بد من معرفة أسباب تكون هذه الطبقة وحجمها وتأثيرها ومشكلاتها ومدى علاقتها بالطبقات الأخرى، وهل هي مؤقته أم دائمة؟
ونحن نعيش هذه الحقبة الزمنية التي ولدت فيها هذه الطبقة، ونعيش ظروف "عملها"، وكيف هيأت الدولة الريعية المجال لولادتها وتطورها عددياً حتى أصبحت عبئاً على الدولة اقتصاديا، فللمشكلة بطبيعة الحال أبعادٌ اجتماعية، وعلى الرغم من أن قلة من الدول لأوضاعها الطبقية إيجابيات لكننا نتكلم عن الأغلبية، والقادم من الأيام يحمل الكثير حولها بازدياد عدد المتعلمين الذين سيصبحون عبئاً إضافياً على الدولة. إن مصطلح البطالة المقنعة يعني وجود أناس لديهم وظائف ولا يعملون وهم ضمن الكادر الوظيفي، ويتقاضون مرتبات وهم غير منتجين، وأن عُشر أعدادهم يمكن أن يقوم بأعمالهم، فيزداد بينهم التسيب الوظيفي وعدم الالتزام وقلة الإنتاجية إن لم تكن معدومة أصلاً!أما أسباب تكون هذه الطبقة فهي عديدة، وخصوصا في مجتمعات بعينها، ولنقل تجاوزاً مجتمعات الرفاهية، لا سيما المجتمعات الصغيرة ذات الدخل المرتفع، مثل مجتمعات الخليج العربي، ويمكن إجمال تلك الأسباب بالآتي: أولاً، عائدات النفط الكبيرة وقيام الدولة الريعية التي همها إيجاد مجال لعمل الأعداد الكبيرة من خريجي التعليم حتى لو كان ذلك بدون عمل حقيقي، والدولة الريعية أصبحت مسؤولة أن ترعى موظفيها؛ لذلك سنت قوانين ساهمت في تكوين هذه الطبقة.ثانياً، أن القطاع الخاص يعزف عن توظيفهم لأسباب خاصة به، فقد ساهم ذلك في تكوين هذه الطبقة.ثالثاً، الظروف الاجتماعية التي كانت على الدوام تدفع باتجاه التعليم الجامعي والوظيفة الحكومية لتحقيق مكاسب مادية واستقرار وظيفي، وقلة الإنتاجية التي أصبحت سمة وملمحاً من ملامح المجتمع في العصر النفطي.فكانت النتيجة ولا تزال كبر حجم هذه الطبقة ووحدة مكوناتها وتضخم أعدادها، والأخطر هو أن بعضها معوق ومعطل للعمل ولمعاملات المواطنين، ويمكن للعمل أن يسير بأفضل حال بنسبة لا تزيد على 25% من عدد أفراد هذه الطبقة، ولا شك أن لهذه الطبقة مشكلات، فهي تشكل عبئاً على الدولة، وعلى المجتمع، وهي طبقة طارئة ومؤقته لكنها تؤرق الدولة والمجتمع اللذين لا يعلنان ذلك! ومستقبل طبقة البطالة المقنعة مرهون بوجود عائدات النفط والدولة الريعية، وهاتان مؤقتتان وليستا دائمتين.