العقل السليم في المجتمع السليم
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
الظاهرة التاريخية الأهم، التي تشكلت فيه، هي أنه لم يبدأ إنتاجه العلمي في الفيزياء إلا بعد أن انتهى جسده عن الأداء بالكامل، فكانت كتبه المشهورة والمؤثرة عالمياً ومحاضراته قد صدرت بدءاً من ١٩٨٨، وانتهاءً بكتاب "تاريخي المختصر" في ٢٠١٣. ولم يتوقف عند إنتاجه العلمي بل أبحر في الكتابة للأطفال مع ابنته فأنجزا خمسة كتب، آخرها "جورج والقمر الأزرق" في ٢٠١٦.ماذا لو كان شخص بقدرات ذهنية عالية بيننا وفي منطقتنا الموبوءة بالجراد الفكري، وقد أصيب بمرض أقعده وشل جسمه نهائياً؟ كيف كنا سنتصرف؟ كيف كانت مجتمعاتنا ستتعامل معه؟ إن كان محظوظاً فسيتم العطف عليه، وعزله اجتماعياً كمعاق لا جدوى منه، أو نتعامل مع ما يقوله على أنه مجرد تخاريف. أما إن لم يكن محظوظاً فربما يربط في شجرة أو عمود مظلم ليقضي بقية حياته يتجنبه الناس حتى يموت.رحل ستيفين هوكنغ، وقضى أكثر من نصف قرن في الإنتاج العلمي دون جسد، مؤكداً "أن الذكاء هو القدرة على التكيف مع التغيير"، وأي تغيير جذري كان قد مر به وتمكن من التكيف معه. ربما كان المجتمع الذي تفاعل مع ذلك المعاق هو الذي أسهم في استمرار ذلك العقل الفذ في الإنتاج رغماً عن الكساح الجسدي الشامل، وربما صار علينا مراجعة المقولة التي تربينا عليها "العقل السليم في الجسم السليم"، وتطويرها وإعادة تدويرها وإنتاجها لتصبح "العقل السليم في المجتمع السليم".