لا يكاد أي مجتمع يخلو من وجود الاختلافات العرقية والمذهبية والطبقية؛ لذلك دولة الكويت ليست مستثناة من هذه القاعدة، لكنها تظهر إلى السطح وتتفاوت حدتها واستخدامها من وقت لآخر بحسب الظروف.بالرغم من أن الدستور الكويتي يرفض كل أنواع التمايز ويعامل المواطنين سواسية بأن لهم الواجبات والحقوق نفسها، فإن هذه المواطنة تظل منقوصة وغير معمول بها في العالم الواقعي، فقد بدأ أثر هذه التقسيمات وتداعياتها يشعر به المواطن في الفترة الأخيرة وبتفاصيل لا أرغب في الدخول في بحثها لاعتبارات كثيرة كونها معروفة وظاهرة لغالبية الشعب.
الدستور لم يفرق بين المواطنين إلا في حالة واحدة تتمثل في حصر من له الحق في تمثيل الأمة في البرلمان والوزارة، فهؤلاء هم الاستثناء الوحيد الذي يجب على شاغل هذه الوظائف أن يكون "كويتيا بصفة أصلية"، وهنا لا يوجد خلاف إلا إذا رغب المشرع في تعديل قانون الجنسية.بعد تعديل النظام الانتخابي وجد البعض ضالته في التمثيل البرلماني، وشعر أن مستحقات المواطنة اكتملت أركانها، إلا أن هذا الشعور سرعان ما تلاشى، فعوامل ومشتركات المواطنة أوسع وأشمل من مفهوم حق الترشح والانتخاب. نرجع إلى عنوان المقال وحقوق المواطنة الشاملة التي يجب إبعادها عن مصطلح "الكوتا" المؤلم جداً وأثره على التنمية والعدالة عندما يتم إخضاعه إلى قانون الترضيات السياسية والاجتماعية بعيداً عن مصطلح الكفاءة وتكافؤ الفرص، وهنا فقط أرجع إلى تصريح سمو رئيس الوزراء واستيائه من تراجع مؤشرات الأداء.هذا التراجع أمر حتمي ولا يدعو إلى الاستياء، فالدولة السبب، وهي من سمح لقواعد اللعبة السياسية بالتحكم فيها من خلال غرس مفهوم الكوتا والمحسوبية والواسطة، وهي من ساهم في تراجع مستوى الولاء المؤسسي. سأكتفي بهذا القدر من النقد لسياسة "الكوتا" الحكومية لأعود إلى المواطن كونه المعني الأول بقبول هذه الحال، وإلى نظرته للعمل التي تغيرت من عبادة وإخلاص إلى تأدية واجب وفقدان المعنى الحقيقي للنجاح، والذي يجب ألا نحصره في وظيفة بعينها، فالحياة تتغير فصولها ويتغير معها وبها الشخوص والأحداث.كلام أعجبني:"أحد الإخوة الأعزاء أجده منطقياً عندما يتكلم عن حق الأقليات، وأن على الأكثرية ضمان حقوقهم سواء كانت عبادية أو تلك التي تلامس حياتهم المعيشية، إلا أنه يرى من الضروري الابتعاد عن التحسس والتذمر، فالأوضاع في الكويت على الأقل فيها الكثير من الجوانب المشرقة وفيها أفضلية للتعايش السلمي على غيرها من المجتمعات المحيطة بنا".ودمتم سالمين.
مقالات
أقلية وأكثرية ومواطنة
23-03-2018