مصر / الرئيس الحالي... الخيار الوحيد في الصعيد
في قرية أبو شوشة المطلة على نهر النيل في صعيد مصر، لا يخفي الأهالي رغبتهم في استمرار عبدالفتاح السيسي رئيساً للبلاد، عشية الانتخابات الرئاسية التي تبدأ الاثنين.في ساحة ترابية واسعة معظمها مسقوف بقماش قديم مرتوق لتخفيف أشعة الشمس الحارقة، حيث يبيع التجار مختلف انواع المواشي (أبقار وجواميس وخراف) ويعرض بائعو الخضراوات والطيور بضائعهم، وقف طارق محمد حافظ تاجر الماشية الأربعيني في جلبابه المقلّم الفضفاض يقول بحماس: "نحن رأينا الأمان بعد السيسي".ويؤكد الرجل الذي يأتي بانتظام الى "سوق الاربعاء" الاسبوعي في قرية أبوشوشة بمحافظة قنا، على بعد 650 كيلومترا جنوب القاهرة، أنه قبل ان يتولى الرئيس المصري زمام الامور في البلاد، "لم نعرف الأمن ولم نسمع عنه، المرأة لم تكن تستطيع حتى الذهاب إلى الطبيب". ويقود السيسي مصر منذ أن عزل، حين كان وزيرا للدفاع، الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي في يوليو 2013، إثر تظاهرات حاشدة طالبت برحيله.
ويتابع حافظ: "لا أحد ينفع غير السيسي، وانت ترى الدول من حولنا انهارت، لكن أنا أطلب منه أن يراعي الصحة، إذ إن المستشفيات هنا حالتها منهارة". مثل حافظ أبدى كثيرون داخل وخارج أروقة "سوق الاربعاء" تأييدهم الشديد لبقاء السيسي على رأس البلاد، سواء كانوا من بسطاء الناس او أثريائهم. ولكنهم لم يخفوا كذلك همومهم الثقيلة.ويقول حسين حافظ، المدير السابق بوزارة التربية والتعليم، وقد جلس على أريكة خشبية أمام منزله المطل على النيل في القرية: "نحن أصلا لا نعرف المرشح الثاني، وهو نفسه يقول إنه سيرشح السيسي". وفي أحد حقول الخس تحت شمس الظهيرة الحارقة، يقول أديب حليم بكساموس (72 عاما) وهو ميكانيكي مواتير مياه: "المزارع يخسر لأن كل شيء صار غالي الثمن... الكهرباء أسعارها مرتفعة والمبيدات كذلك، وإنتاج فدان الخس كان يباع بـ 10 آلاف جنيه الآن يباع بـ 3000 جنيه فقط، فلا يغطي مصروفاته".ويتابع الرجل المسن الذي يرتدي جلبابا رماديا متسخا بطين الحقل، وقد ظهر على وجهه السخط من الغلاء، أكثر من تحمسه للإدلاء بصوته في اقتراع الرئاسة المنتظر: "السيسي رجل جيد، وكل شيء فعله جيد، لكن الغلاء سيئ، وأنا أسأل إذا كان من الممكن أن يرخص الحال بعض الشيء لأن العامل لا يجد ما يأكله".ويعيش نحو 28 في المئة من سكان مصر تحت خط الفقر، في حين تبلغ نسبة الفقر في بعض مناطق الصعيد اكثر من 50%، وفق الاحصاءات الرسمية. وعلى بعد نحو 70 كلم شمال أبوشوشة في محافظة سوهاج، لم تكن لافتات الدعاية للسيسي بنفس كثافتها في القاهرة. ففي الشوارع وفي أكبر ساحتين في المدينة، ميدان الثقافة وميدان العارف، اقتصرت اللافتات المؤيدة للرئيس المصري على تلك التي وضعها أعضاء البرلمان وبعض أصحاب الأعمال والأثرياء.وفي منطقة نجع أبو شجرة الشعبية في المحافظة، صاح صيدلي رفض الإدلاء باسمه خشية التعرض للمتاعب على حد قوله: "لقد تمنيت فقط أن اختار بين مرشحين عديدين، لا أن يصبح الخياران أمامي إما عبدالفتاح او السيسي"، في اشارة الى عدم وجود منافس جاد. وبالرغم من قلة الدعاية، فإن معظم الناس تفضل كذلك بقاء السيسي في الرئاسة، خصوصا بسبب تحسن الأوضاع الأمنية.