عاد جدل الخصخصة التي شردت آلاف العمال ومولت صفقات فساد حكومي إلى صدارة المشهد المصري، في أعقاب إعلان الحكومة، الأحد الماضي، نيتها إدراج 23 شركة بالبورصة، في إطار محاولة لجمع نحو 80 مليار جنيه (نحو 4.5 مليارات دولار) تستخدم في سد عجز الموازنة المزمن، لكن سياسيين وخبراء اقتصاد انقسموا حول الخطوة التي اعتبرها البعض عودة إلى الخصخصة من باب خلفي، ولن تساهم في حل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بعموم المصريين.

القاهرة قررت طرح شركات من نوعية بنكي القاهرة والإسكندرية والشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية (إنبي)، وغيرها من الشركات التي سيتم طرح نسب من 15 إلى 30 في المئة منها في البورصة خلال 30 شهراً على الأكثر، وبررت وزارة المالية القرار بالحاجة إلى توسيع قاعدة الملكية وزيادة رأس المال السوقي للبورصة المصري.

Ad

وتحظى الخصخصة في مصر بسمعة سيئة إذ تم بيع الكثير من شركات القطاع العام المملوكة للشعب المصري إلى القطاع الخاص وضاعت ثمنها بين مافيا الفساد فلم يستفد منها أي من أبناء الشعب المصري الذي واكب عمليات الخصخصة التي انطلقت مطلع التسعينيات، لكنها عرفت زخمها الأكبر مع حكومة عاطف عبيد (1999-2004) مع بيع عشرات المصانع التابعة للقطاع العام مع تسريح مئات العمال الذين وجدوا أنفسهم في خانة البطالة بين ليلة وضحاها.

الخبير الاقتصادي، د. إلهامي الميرغني، اعتبر القرار الحكومي أسوأ من إجراءات الخصخصة، مضيفا لـ"الجريدة" أن "هناك بنوكا ستباع إلى القطاع الخاص وشركات بترول وحاويات تحقق أرباحا ضخمة فلماذا سيتم عرض جزء منها للبيع؟ هي خصخصة واضحة لقطاعات اقتصادية مهمة، وسيعقب ذلك إعادة هيكلة للشركات وتسريح العمالة، كجزء من الرضوخ لصندوق النقد الدولي للحصول على قرض الـ 12 مليار دولار، وهو ما أعلنته الحكومة في خطاب النوايا للصندوق، وقد بدأت فعليا في هذا المسار بإدخال القطاع الخاص لإدارة مرفق السكك الحديدية، بما يكشف عن انحيازات الحكومة التي لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح عموم الشعب المصري".

من جهته، قال القيادي بحزب "الكرامة" الناصري، أمين إسكندر، لـ"الجريدة"، إن "طرح الشركات الحكومية في البورصة يعني العودة إلى سياسات الخصخصة بشكل صحيح، لأنها تعني دخول القطاع الخاصة وتملكه للقطاع العام، وهو استكمال لنفس الطريق الذي أدى إلى إفقار المصريين وإضعاف اقتصاد البلاد، ولن يستفد إلا طبقة رجال الأعمال التي تراكم الثروات على حساب غالبية الشعب".

وشدد اسكندر على أن الحكومة تخضع لسياسات وإملاءات صندوق النقد والبنك الدولي.

من جانبها، قالت أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، د. عالية المهدي، لـ "الجريدة": لا مبرر من عودة الخصخصة أو تسريح العمالة بسبب طرح الشركات في البورصة، مضيفة: "التخوف فقط إذا كان طرح الشركات للبيع بالكامل لمستثمر رئيسي واحد، لكن الخطوة الحكومية تطرح بعض أسهم الشركات من أجل توفير بعض رؤوس الأموال لتحسين أداء الشركات".

وأعربت عن رفضها لطرح هذا العدد الضخم من الشركات دفعة واحدة والتي تشكل نحو 25 في المئة من الشركات المملوكة للقطاع العام والتي لا يتجاوز عددها عن 87 شركة، مؤكدا أن طرح هذا العدد سيؤثر سلبا على سعر الأسهم عند طرحها للبورصة مرة واحدة.