إلى مجلس الوزراء: اعزلوهم
"أكثر من ١٦٥ شكوى ضد مسؤولين في الحكومة امتنعوا عن تنفيذ الأحكام خلال عام 2017". تصريح الأستاذ مدير نيابة العاصمة قبل أسبوع، وقد انتفضت الحكومة بعده وقررت مواجهة هذه الفوضى كما جاء في كتابها الموجه للنائب العام، والمنشور في (القبس 26-3- 2018).الاعوجاج ههنا ليس في مماطلة بعض المسؤولين في تنفيذ الأحكام القضائية فقط، الاعوجاج والمصيبة هنا في عدم معرفة الحكومة بوجود أكثر من ١٦٥ شكوى في النيابة ضد قيادييها خلال سنة واحدة فقط، والكارثة أن الحكومة تحركت بعد مقابلة صحافية لا بعد تقاريرها الرسمية، وهذا يجعلنا نعيد السؤال الذي كتبناه وكررناه مرات عديدة عن دور إدارة الفتوى والتشريع في هذا الشأن؟ أين وظيفتها في تنبيه الهيئات الحكومية في تطبيق القانون واحترام أحكام القضاء؟ وهل تعد الفتوى تقارير دورية لمجلس الوزراء عن مسار قضاياها؟ وأين انتهت؟ وماذا جرى لها؟ لقد سبق أن كتبت شخصياًعدة مقالات عن "حوكمة الفتوى والتشريع" وقدمت مقترحاً متكاملاً وتبناه مشكوراً العضو الفاضل عمر الطبطبائي، واليوم يظهر للملأ قيمة اقتراحنا وضرورة تطوير وتحكيم إجراءات الفتوى والتشريع لتلافي مثل هذه الأوضاع المنكرة.
ثم نتساءل أيضاً: أين دور الوزراء في إلزام قيادييهم بتطبيق القانون وأحكام القضاء ولو صدرت ضدهم؟ فهل الوزراء شركاء في هذا الأمر أم أنهم مغيبون عما يجري في وزاراتهم؟ وإني أنصح جميع الإخوة الوزراء أن يبادروا فوراً لطلب تقرير شامل من الهيئات والجهات التابعة لهم عن سير كل القضايا المرفوعة منهم أو ضدهم ومعرفة مساراتها وآخر تطوراتها.إن المشكلة الحقيقية في أجهزة الدولة ليست امتناع مسؤولين عن تنفيذ أحكام القضاء فحسب، بل إن المشكلة الحقيقية في أن العمل الحكومي ما زال قائماً على الارتجال وردود الأفعال، ويتجاهل كل مبادئ وأساسيات الإدارة العامة فضلاً عن عجزه عن الإبداع والابتكار، ولذلك فمن الطبيعي جداً في مثل هذه الأوضاع أنه حتى مجلس الوزراء الموقر يتلقى معلوماته من الصحافة، لا من جهاته التنفيذية التي هي أكثر من "قصيع البحر".عوداً على المسؤولين الممتنعين عن تنفيذ الأحكام القضائية، فقد يكون لبعضهم مبررات قانونية لا نعرفها، لكني واثق أن كثيراً منهم يمتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية لأنه يعتقد أن الوزارة "حلال أبوه"، ولأنه يتخذ الأمور من جوانب شخصية، ولأنه أيضاً أمن العقوبة والمحاسبة، فما الحل يا مجلس الوزراء الموقر مع هؤلاء المرضى من قياديي الدولة؟ الحل سهل وبسيط وناجع مئة في المئة: اعزلوهم من مناصبهم واجعلوهم عبرة لغيرهم. والله الموفق.