اتسعت حملة الطرد الجماعي غير المسبوق لدبلوماسيين روس من دول غربية ردا على محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال في مدينة سالزبري جنوب انكلترا في 4 الجاري.

وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس طرد سبعة دبلوماسيين روس ورفض اعتماد ثلاثة آخرين.

Ad

وقال ستولتنبرغ، خلال مؤتمر صحافي بمقر الحلف في بروكسل: "هذا الأمر سيوجه رسالة واضحة إلى روسيا بأن هناك عواقب لسلوكها غير المقبول".

من ناحيته، أكد رئيس وزراء استراليا مالكولم ترنبول امس، أن بلاده "ستطرد دبلوماسيين روسيين تم تحديد هويتيهما كضباطي استخبارات سريين بسبب أعمال لا تتسق مع وضعهما، وذلك وفقا لاتفاقيات جنيف".

وصرحت وزيرة الخارجية، جولي بيشوب، أنه قد يتم أيضاً اتخاذ إجراءات أخرى ردا على تسميم الجاسوس، منها مقاطعة استراليا لبطولة كأس العالم لكرة القدم في روسيا.

وقررت الحكومة الإسبانية طردها دبلوماسيين اثنين من السفارة الروسية، مؤكدة أن "قضية سكريبال أمر بالغ الخطورة يمثل تهديدا للأمن الاجتماعي والقانون الدولي".

وفي سكوبي، أعلنت وزارة الخارجية المقدونية اتخاذها قرارا بطرد دبلوماسي روسي واحد.

وفي دبلن، قال وزير الخارجية الأيرلندي سايمون كوفيني أمس، إن "وزارة الشؤون الخارجية اجتمعت مع سفير روسيا الاتحادية، وأبلغته أنها ستنهي اعتماد أحد موظفيه من السلك الدبلوماسي بما يتماشى مع بنود اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. الشخص المعني ملزم بالرحيل".

كما طردت بلجيكا دبلوماسياً واحداً.

لافروف

في المقابل، أكد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي عقده امس، في مدينة طشقند بأوزبكستان، على هامش مؤتمر دولي حول أفغانستان: "الابتزاز يعتبر الآن الأداة الرئيسية لواشنطن في الساحة الدولية، سواء أكان هذا الوضع متعلقا بقضية سكريبال، أو بالنسبة للمشكلة الفلسطينية، عندما يقول الأميركيون مباشرة للفلسطينيين إننا لن نمنحكم المال حتى توافقوا على تلك الفكرة التي لم نضعها بعد".

واعتبر أن قرار عدد من الدول الغربية بشأن طرد دبلوماسيين روس، جاء نتيجة عملية ابتزاز وضغوط هائلة مارستها الولايات المتحدة على حلفائها. وتابع لافروف: "كونوا على ثقة باننا سنرد! فلا أحد يريد السكوت عن مثل هذا السلوك، ولن نقوم بذلك".

من جهتها، دعت السفارة الروسية في واشنطن في تغريدة، متابعيها على "تويتر" إلى التصويت على أي قنصلية أميركية يجب إغلاقها: مدرجة القنصليات في فلاديفوستوك، وسان بطرسبورغ، ويكاتيرينبرغ، كخيارات رداً على إغلاق القنصلية الروسية في مدينة سياتل الاميركية.

لندن

وفي لندن، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس، أنه لا تزال هناك حاجة لاتخاذ مزيد من التحركات في إطار رد بريطانيا على المدى البعيد على روسيا.

ونقل الناطق باسم ماي عنها قولها خلال اجتماع وزاري، بمعرض تعليقها على الإجراءات الغربية ضد موسكو: "شهدنا لحظة مهمة في ردنا على هذا العمل العدواني المتهور، لكن لا تزال هناك حاجة للقيام بالمزيد فيما نعمل مع شركائنا الدوليين في إطار ردنا على المدى البعيد على التحدي الذي تشكله روسيا".

وأبلغت ماي الحكومة بأن الدول تحركت ضد روسيا ليس بدافع التضامن فحسب بل لأنها أدركت الخطر الذي تمثله موسكو، مشيرة إلى أن أكثر من 130 شخصا ربما تعرضوا لغاز الأعصاب "نوفيتشوك" ذي الاستخدامات العسكرية الذي استُخدم في تسميم سكريبال (66 عاماً) وابنته يوليا (33 عاماً) في سالزبري.

وكتب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في صحيفة "ذي تايمز"، أمس: "لم يقدم هذا العدد من الدول ابدا في الماضي على طرد دبلوماسيين روس" في خطوة اعتبرها بمثابة "ضربة ستحتاج الاستخبارات الروسية لسنوات عدة للتعافي منها". وقال: "أعتقد أن هذه الأحداث قد تصبح نقطة تحول"، مضيفاً أن "التحالف الغربي اتخذ تحركا حاسما، حيث وحد شركاء بريطانيا صفوفهم في وجه طموحات الكرملين المتهورة".

واعتبر جونسون أن هذا الهجوم يتوافق مع "السلوكيات المتهورة" التي يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما في ذلك ضم شبه جزيرة القرم. وقال إن "الخيط المشترك هو رغبة بوتين في تحدي القواعد الرئيسية التي تعتمد عليها سلامة كل بلد"، مضيفاً: "لذلك، لدى كل دولة مسؤولة مصلحة حيوية في الوقوف بصلابه ضده".

منظمة «الكيماوي»

وأكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية نيتها إطلاع روسيا على نتائج تحليل المادة التي تسمم بها سكريبال، لكن بعد إبلاغ بريطانيا بها.

وأشار المدير العام للمنظمة أحمد أوزومجو، أن فحص المادة سينتهي بعد أسبوعين أو ثلاثة، لافتاً إلى أن "العينات جمعت، ويجري تحليلها في مختبرات مختلفة. وعندما ينتهي الفحص في الأسبوعين أو الثلاثة القادمة، سنتشارك النتائج مع بريطانيا أولاً".

صحف روسيا: الحرب الباردة عادت

رأت الصحف الروسية أمس أن تنفيذ أكثر من عشرين بلداً عملية منسقة لطرد دبلوماسيين روس ردا على قضية تسميم العميل الروسي السابق المزدوج في بريطانيا يغرق العلاقات بين موسكو والغرب في "حقبة جديدة من الحرب الباردة".

واختارت صحيفة "ازفستيا" عنوان "تعبئة حاشدة معادية لروسيا"، وذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" انه لم تحدث من قبل حركة طرد منسقة بهذه الطريقة.

وكتب المحلل فيودور لوكيانوف في صحيفة "فيدوموستي" إن "العلاقة بين روسيا والغرب تدخل مرحلة حرب باردة بالفعل"، ورأى ان عمليات الطرد "سيكون لها أثر مدمر تحديداً على العلاقات الروسية - الأميركية".

وأضاف "انها ليست نهاية التصعيد، من الواضح ان الأمر سيتفاقم ويُتوقع ان تتخذ تدابير أقسى مما قبل، وتفرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا".

وكتبت صحيفة "كومرسنت" أن هذه "التدابير القاسية التي لم نشهد مثيلاً لها (...) ليست سوى تفاقم جديد في العلاقات بين روسيا والغرب".

اما إذاعة "صدى موسكو" المعارضة فرأت انه "كلما ساءت العلاقات بين روسيا والغرب، تحسن وضع الرئيس فلاديمير بوتين فإذا كنتم في قلعة محاصرة عليكم على الدوام أن تقوموا بأعمال استفزاز للتسبب بشن هجمات عليكم وإلا فستخسرون شرعيتكم".