«من رداكم؟»
وجود ظاهرة إلحاد في بلد فيه آلاف المساجد، والتربية الإسلامية مقرر ثابت في المدارس، وهناك معهد ديني، وكلية شريعة وقنوات تلفزيونية وإذاعية مخصصة للدين فقط، فهذا يعني إما أن يكون الدين الإسلامي ديناً هشاً وهو أمر غير صحيح أو واقعي أو مقبول، وإما أن القائمين على تعليم الدين ونشره في الكويت فاشلون وسيئون.
لنفترض أن تقرر الدولة بأن تكون اللغة الإيطالية إلزامية في الكويت، بحيث تصبح هذه اللغة مقررا إلزاميا في المدارس بشكل يومي، وأن يكون للغة الإيطالية حيز ثابت في كل وسائل الإعلام الرسمية، وأن يكون في كل منطقة سكنية أربعة أو خمسة مراكز للغة الإيطالية يتعين على سكان المنطقة ارتيادها بشكل يومي أو أسبوعي على أقصى تقدير، وألا تخلو الطرق والمستشفيات ومختلف المراكز العامة من الإصدارات المتعلقة باللغة الإيطالية.بعد أكثر من أربعين عاماً من تطبيق هذا القرار الافتراضي تكون النتيجة أن الكويت تواجه ظاهرة ضعف اللغة الإيطالية لدى سكانها، فعلى من ستُلقى اللائمة في هذه الفرضية؟
أعتقد أن الإجابة المنطقية ستكون بأن من يتحمل هذا الفشل هم المسؤولون عن سياسة الدولة في نشر اللغة الإيطالية، فأن يخصص كل هذا الكم من الوقت والأموال لتعلم هذه اللغة وتتفشى ظاهرة ضعف اللغة الإيطالية لا يحتمل سوى أمرين: هما أنها لغة صعبة جداً يصعب على الإنسان تعلمها، وهذا أمر غير صحيح، أو أن الأدوات المستخدمة من الدولة لنشر هذه اللغة ضعيفة وغير فعالة.طيب، لن أناقش هنا المحتوى المنحدر الصادر من وزارة الأوقاف الذي ردده خطباء المساجد يوم الجمعة الماضي، فقد أسهب من هم أفضل مني في التصدي لسوء المحتوى وانحداره، ولكني هنا لأناقش الأسباب التي دعت المسؤولين في تلك الوزارة لتعميم تلك الخطبة، فقد كان المبرر الذي قدموه لوسائل الإعلام هو أن هذه الخطبة السيئة كانت من ضمن حملتهم الساعية لمواجهة ظاهرة الإلحاد!!ظاهرة إلحاد في بلد فيه آلاف المساجد، والتربية الإسلامية مقرر ثابت في المدارس، وهناك معهد ديني، وكلية شريعة وقنوات تلفزيونية وإذاعية مخصصة للدين فقط، ومنع كل كتاب يناقش أو يعارض فكرة إسلامية، وإلغاء كل محاضرة يحاضر فيها من لا ترغب التيارات الدينية بوجوده داخل الكويت، وتواجه ظاهرة إلحاد تتطلب خطب جمعة وحملات إعلامية لمواجهتها!!إما أن يكون الدين الإسلامي ديناً هشاً وهو أمر غير صحيح أو واقعي أو مقبول، وإما أن القائمين على تعليم الدين ونشره في الكويت فاشلون وسيئون، أساؤوا للإسلام، ونفّروا الناس منه، ويحاولون اليوم مداراة فشلهم بكلمات وأساليب منحدرة يغطون بها فشلهم وهذا هو الواقع.
القائمون على تعليم الدين أساؤوا للإسلام ونفّروا الناس منه ويحاولون اليوم بكلمات وأساليب منحدرة أن يغطوا فشلهم