بعدما عيّن الرئيس الأميركي أخيراً جون بولتون مستشاره الجديد للأمن القومي ورشّح مايك بومبيو لمنصب وزير الخارجية التالي، ندخل مرحلة جديدة في سياسات الشرق الأوسط الأميركية.فهذان التعيينان يعنيان أن من شبه المؤكد أن تعلن الولايات المتحدة في منتصف شهر مايو تقريبا انسحابها من الصفقة النووية الإيرانية، توقعوا ذلك، وهنا ينشأ السؤال المهم: ماذا سيحدث بعد ذلك؟
ستنجم عن هذا العمل على الأرجح ثلاثة أنواع من التداعيات المحتملة، واللافت للنظر أن مَن يطالبون بهذه الخطوة في الولايات المتحدة سيعتبرون اثنين منها على الأقل أو ربما ثلاثتها نتائج مؤسفة.أولاً، بدل عزل إيران وتعزيز الضغط على قادة ذلك البلد سيؤدي الانسحاب الأميركي الأحادي الطرف إلى عزل الولايات المتحدة نفسها والتي ستُعتبر دولة مارقة بين قادة المجتمع الدولي، وستتراجع مكانتها، وستُرى كشريك أقل مصداقية في التفاوض.ثانياً (وهذا يندرج بشكل أوضح في خانة التداعيات غير المرغوب فيها)، في حين يتفاقم الضغط على الرئيس الأميركي من جراء تحقيق المجلس الخاص والتحقيقات المحتملة من الصحافة ومجلس النواب الديمقراطي بعد انتخابات شهر نوفمبر، ستبرز أسئلة جديدة عن تأثير القادة والواهبين من الشرق الأوسط في قرارات الولايات المتحدة.لن يترك هذا أمام الرئيس الأميركي وحلفائه الذين يؤيدون الانسحاب من الصفقة الإيرانية سوى مسار واحد لإثبات أن هذا الانسحاب كان ضرورياً، إذ يقوم هذا المسار بالتأكيد على تعزيز التوتر مع إيران إلى حد يُرى معه هذا البلد عل أنه خطر أكبر وربما إلى حد يؤدي إلى نشوب صراع مسلح.سينشأ عندئذٍ السؤال: هل يشمل هذا الصراع القوات العسكرية الأميركية أم يخوضه لاعبون بالوكالة يحظون بدعم أميركي؟ يبدو الاحتمال الثاني أكثر ترجيحاً بقليل، وذلك نظراً لسياسات الولايات المتحدة وغياب شهيتها إلى المزيد من التدخل العسكري العميق في هذه المنطقة، ولكن سواء خاض الجيش الأميركي هذه المواجهة مباشرةً أو اقتصرت على قوى عربية، يبقى احتمال نشوب صراع بين الولايات المتحدة أو حلفائها وإيران أكثر احتمالاً اليوم من أي مرحلة من الذاكرة المعاصرة.ولا شك أن كلفة الحرب ضد إيران أو توجيه ضربات مباشرة إلى طهران ستكون عالية، إلا أننا لا نستطيع استبعادهما، ولكن في مطلق الأحوال سينعكس تفاقم التوتر، الذي يبدو أكيداً، سلباً على الحركة في مضيق هرمز وتقييم المخاطر السياسية المرتبطة بهذه المنطقة، ولكن هل ينجح هذا في ضبط سلوك إيران؟ وهل يحقق هدف الحد من المخاطر الطويلة الأمد بفاعلية أكبر من خطة العمل الشاملة المشتركة؟سيكون الجواب عن هذين السؤالين نفياً على الأرجح، لكننا دخلنا مرحلةً ما عاد المنطق والتحليل العقلاني يوجهان فيها النتائج كما في السابق، وقد تفرض الخطوات المتهورة والضغوط الخارجية غير المرتبطة اتخاذ خطوات عملية في مواضع ما كان يجب القيام فيها بخطوات مماثلة، ونتيجة لذلك ينبغي لكل مَن تقتضي مصالحهم تمتع الشرق الأوسط بمستقبل سلمي أن يعتبروا استلام فريق الأمن القومي الأميركي الجديد زمام الأمور مصدر قلق.* ديفيد روثكوبف* «ذي ناشيونال»
مقالات
ثلاثة تداعيات حالكة لانسحاب أميركا من الصفقة النووية الإيرانية
29-03-2018