تقدم الشباب المصريون صفوف مقاطعي الانتخابات الرئاسية الحالية، إذ بدت اللجان خاوية من العناصر الشابة؛ خصوصا الذكور منهم، في مواجهة إقبال كبار السن والنساء، في مشهد بات مكرراً منذ استفتاء دستور 2014، مروراً بالانتخابات الرئاسية التالية عليه، وليس انتهاء بالانتخابات البرلمانية 2015، وتعد مصر بكل المقاييس دولة شابة، إذ يقل سن 60 في المئة من مواطنيها عن 35 عاماً.

ويجمع مراقبون على أن الأزمة الاقتصادية، التي تمر بها مصر، أحد أبرز دوافع العزوف الشبابي، لكونهم الأكثر تأثرا بتداعياتها التي أثرت سلبا على قيمة الرواتب مع تعويم الجنيه أمام الدولار، وارتفاع الأسعار مع مضي الحكومة في إجراءات الإصلاح الاقتصادي، التي تشمل خفضا للدعم، وهي إجراءات جعلت من حلم تكوين أسرة لدى أي شاب مصري كابوسا، لذا بدا العزوف الشبابي عقابا للحكومة، رغم تقديم الأخيرة لمشروعات إسكان اجتماعي.

Ad

وحلل أستاذ علم الاجتماع السياسي، د. سيد صادق، عزوف الشباب، قائلا لـ"الجريدة": إن "الشباب يشكل نحو 60 في المئة من المجتمع، ونسبة العزوف وعدم الاكتراث بالانتخابات عموما واضحة في الذكور أكثر من الإناث، لأن الشاب المصري أكثر تعرضاً لتجليات الأزمة الاقتصادية التي تؤثر على قدرته على تكوين أسرة من شراء وحدة سكنية ومواجهة تكاليف الحياة، لذا الكثير من الشباب يقاطعون الانتخابات في إطار انشغالهم بتوفير لقمة العيش".

وتابع صادق: "قبل ثورة 2011، كانت هناك ثلاث فئات لا تشارك في الانتخابات هي المرأة والشباب والأقباط، وبعد الثورة شاركت المرأة والأقباط بقوة، فيما ظهر الشباب في المشهد الانتخابي حتى رئاسية 2012، هنا بدأت كتل شبابية شاركت في الثورة في مراجعة موقفها بسبب خديعة جماعة الإخوان لهم، وفشلهم في الوصول بالثورة إلى سدة الحكم، فانسحب البعض منهم من المشهد تماماً".

وأضاف: "فيما قرر البعض الآخر مواصلة النضال على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن المحصلة هي تراجع كتلة حيوية كانت الأعلى صوتا داخل فئة الشباب، بينما توجد كتلة أخرى مرتبطة بمصالح النظام تشارك في الانتخابات، في حين تظل الكتلة الأكبر تقاطع من باب عدم الاكتراث. نحن نتحدث عن 30 في المئة تقريباً من نسبة الناخبين".

من جهته، رأى مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، رامي محسن، أن العزوف الشبابي لا يمكن إطلاقه عموما، لأن هناك الكثير من الشباب شارك بالفعل، مضيفا لـ"الجريدة": "على الحكومة أن تبدأ فورا في استطلاع رأي الشباب أنفسهم لمعرفة أسباب عدم مشاركتهم، وهو أمر ليس وليد اللحظة، ويجب علاجه بشكل صحيح قبل انتخابات المحليات والبرلمان المقبلة".

وأكد أنه لا يقتنع بالأسباب التي تروج عادة لتبرير العزوف، مؤكدا أن هناك أسبابا عميقة لابد من البحث عنها مجتمعيا لترسيخ مفهوم الديمقراطية والمشاركة الفاعلة في الانتخابات.