أطلقت بورصة شنغهاي هذا الأسبوع، عقودا آجلة لخام النفط مقومة باليوان للمرة الأولى في التاريخ، حيث تسعى الصين إلى إكساب عملتها قوة في الأسواق العالمية، ورغم صعوبة المهمة، فإنها ليست مستحيلة إذا خففت بكين ضوابط رأس المال، مما يسهل عمليات شراء الأجانب للأصول الصينية.

إن هذه الضوابط ومخاوف المستثمرين حيال عدم وضوح سياسة الحكومة والبنك المركزي الصيني تعني أن حظ اليوان من نظام التمويل العالمي سيظل ضئيلا، رغم أنها المصدر الأكبر في العالم، بحسب تقرير لـ «وول ستريت جورنال». ومع هيمنة الدولار ومن بعده اليورو على احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية، لكونهما الأكثر استخداما في شراء السلع والخدمات من الأسواق الأجنبية، تأمل بكين أن يصبح اليوان ندا للمنافسة معهما من خلال معيارها الجديد لأسعار النفط، وإنهاء هيمنة العملة الأميركية على تسعير الخام.

Ad

الفرصة سانحة

- يعتقد البروفيسور بجامعة كاليفورنيا، بيركلي «باري آيشينغرين»، المتخصص في تاريخ العملات والنظام المالي العالمي، أن استمرار هيمنة الدولار على تسعير النفط الخام لم يعد مضمونا بعد الآن.

- مع استمرار تطور الأسواق المالية، حيث تلقى تجارة العملات رواجا وتصبح أرخص، فالحجج المعتادة لاحتكار وظيفة تسعير السلع باستخدام عملة بعينها تضعف بمرور الوقت، ومع ذلك من المستبعد أن يحل اليوان مكان الدولار قريبًا.

- يتسبب فقر السيولة وإمكان الوصول في الحد من استخدامه، ويشار هنا إلى أن اليوان الصيني يشكل 1.1 في المئة فقط (مقابل 63.5 في المئة للدولار الأميركي) من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي العالمية، وتسبقه عملات مثل الدولار الأسترالي والكندي.

- يشكل أيضا اليوان 1.1 في المئة فقط من المدفوعات الدولية، ما يضعه في المرتبة الثامنة كأكثر العملات استخداما، بحسب شبكة «سويفت»، وانخفضت هذه الحصة خلال السنوات الأخيرة، بعدما وصلت إلى 2.8 في المئة في أغسطس 2015.

- لا حال تدوم أبدا، إذ يشير الاقتصاديون إلى زوال هيمنة الجنيه الإسترليني في التجارة العالمية قديما، مما يدل على أن الأمر قد يتحول بسرعة ضد عملة ما لمصلحة أخرى، خاصة خلال الأزمات.

التاريخ يشهد على التغيير

- هيمن الإسترليني على عقود النحاس القياسية في بورصة لندن للمعادن حتى عام 1993، وحتى اليوم يتم تسعير تجارة الكاكاو بالعملة البريطانية.

- رغم أن النفط له تاريخ طويل من التقويم بالدولار، لكون الولايات المتحدة أحد المنتجين الرئيسيين، فقد تلقت الدول المنتجة للخام نحو خُمس مدفوعاتها بالجنيه الإسترليني في أواخر السبعينيات، وفقا للمؤرخة الاقتصادية كاثرين شينك.

- قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، كان الائتمان التجاري الدولي المقوم بالدولار غير موجود تقريبا، وكانت البنوك البريطانية تستأثر بالقطاع، وبحلول منتصف عشرينيات القرن الماضي، اقتسمت العملتان السوق.

- تسببت الآثار الاقتصادية للحربين العالميتين الأولى والثانية في إضعاف دور لندن في قطاع التمويل والتجارة الدولية بشكل كبير، مما جعل الدولار في موضع القيادة مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين.

- الثقل الاقتصادي الهائل ليس كافيا لضمان أولوية دولية للعملة، فالاقتصاد الأميركي أصبح الأكبر في العالم بدلا من البريطاني في سبعينيات القرن التاسع عشر، أي قبل نصف قرن من بدء تحرك الدولار ليأخذ مكان الإسترليني.

على بكين بذل المزيد

- تتمسك بكين بضوابط مقيدة لحركة الأموال لتظل مسيطرة على اقتصاد البلاد ومنع التدفقات الخارجة المفاجئة، وربما يعزز بيع العقود الآجلة المقومة باليوان الطلب على الأصول المقومة بالعملة الصينية للاستثمار فيها.

- لا يوجد حاليا نقص في الأصول الصينية، ارتفع «آي بوكس إجا تشاينا» التابع لـ «آي إتش إس ماركيت»، وهو مؤشر رئيس للسندات الصينية، بأكثر من الضعف خلال السنوات الأربع الماضية، ليسجل 11 تريليون دولار.

- لكن ليس لمجرد وجود رغبة وقدرة لدى الأجانب لشراء السندات الصينية، يعني ذلك أنهم سيفعلون، إذ يقول بعض المستثمرين إن على بكين فتح اقتصادها أكثر كي يحدث هذا الأمر.

- تقول «يو. بي. إس أسيت مانجمنت»، إنه ينبغي تخفيف ضوابط رأس المال بشكل جوهري لتشجيع تداول النفط باليوان، مشيرة إلى أن إدراج السندات الصينية في المؤشرات الرئيسية سيعزز تدفق النقد إلى سوق الديون الصينية.

- أعلنت «بلومبرغ» قبل أيام عزمها إضافة سندات صينية إلى مؤشرها «بلومبرج باركليز غلوبال أجرجيت إندكس» خلال العام المقبل، لكن ذلك لن يكون كافيا، إذ ينبغي ضمان عدم تدخل الحكومة الصينية في أسواق السلع الأساسية.