على مشايخ وزارة الأوقاف أن يكبروا ويرشدوا هؤلاء المشايخ الذين يملون خطب الجمعة على خطباء المساجد ويضعون أطرها، عيب ومخجل ولا يناسب أبسط مبادئ الذوق أن تتحدث عبارات خطبة الجمعة بكلمات لا تدرك معانيها عن الإلحاد المعاصر وسفور المرأة والانحلال والتبرج والفلسفة الباطنية والإلحادية...! ما هذا يا حضرات السادة؟ ما شأنكم وماذا تعرفون عن ألف باء الفلسفة كمنهج عقلي هو أساس العلوم والفكر الإنسانيين؟ وهل هي عودة وإحياء لصراع الغزالي وابن رشد بين تهافت الفلاسفة وتهافت التهافت قبل ألف عام؟ نذكركم بأن تلك المعركة انتهت بانتصار الغزالي وانتهت الحضارة الإسلامية بكم وبمأساة التخلف الحضاري في العالم الإسلامي، وتحديداً الجزء العربي منه... نهاية مفجعة توقف فيها العقل الإسلامي وجمد بقوالب النقل من ناحية، وبفقهاء الترزية الذين يفصلون ويفسرون النصوص لا حسب تغير الزمان وإنما حسب مصالح الحكام من ناحية أخرى.قد نتقبل صدور مثل تلك الخطبة المزرية لو كانت جاءت من وعاظ الصحوة وما أكثرهم، حين يتكلمون ويمارسون حقهم في التعبير ورفضهم لكل منجزات الحداثة والتقدم الإنسانيين بعد أن تقوقعوا لداخل الذات الماضوية، وتقبل صدورها منهم لا يعني قبولنا بها، لكن أن يصدر ذلك الخطاب البائس من عمائم وزارة الأوقاف فهذه مسألة أخرى، هنا الوزارة مع مشايخها الملتزمين بتعميماتها لا تتحدث كفرد مجتهد محاصر ومنغلق بالنص يخشى حركة الزمن والانفتاح الإنساني، هي تتحدث باسم السلطة وبسلطانها، تتكلم هنا باسم الدولة التي يفترض (وهذا افتراض مخالف للحقيقة) أنها تلتزم بدستور وقوانين وضعية وليس لها أن تزج نفسها بحريات الأشخاص الخاصة، وليس من حقها أن تتدخل وتفرض على الناس معتقداتهم وطرق التعبير عنها، "حرية الاعتقاد" للتذكير فقط هي من نصوص الدستور المنسي.
الوزارة لم تكن تتحدث بلغة النصح والإرشاد في خطبة الجمعة، وحتى بهذه الجزئية فليس هذا من شأنها، كانت تتحدث من منبر السلطة المتعالية وتوزع الاتهامات عن السفور والعفة والحياء والإلحاد والفلسفة... "شعليكم" إذا كانت المرأة سافرة أو متحجبة أو منقبة أو فاشينستا؟ هذه المرأة الكويتية أو الوافدة ليست من العاملات لديكم ولا من بناتكم القاصرات، وليست تحت وصايتكم ولا ولايتكم، ما شأنكم ماذا تلبس وكيف تضع المكياج وكيف تتصرف؟ هي امرأة حرة رضيتم أم لا، وحريتها وحرية أي إنسان ليست رهناً لاجتهاداتكم الضحلة... بأي حق وأنتم تتكلمون باسم السلطة تمارسون هذا الغث والزجر الوعظي؟إذا لم يكن عندكم ولا عند ولاتكم مواضيع يا سادة تتحدثون بها في الخطب الدينية، تصيغون بها عقول المصلين كما يملى عليكم، دعونا نقترح عليكم قضايا تمس هموماً كبيرة يعانيها الوطن وتهدد مستقبل أجياله، لم لا تتحدثون عن الفساد السياسي والإداري الذي يغرق الدولة؟ لم لا تتحدثون عن إساءة استعمال السلطة وجرائم استغلال النفوذ والتكسب من الأموال العامة وكل أشكال المحسوبيات والواسطات والشللية؟ هناك الكثير من النصوص والاجتهادات الدينية التي حرمتها، لم لا تثيرونها؟! أليست هذه القضايا أولى وأهم بألف مرة من خواء حديث السفور وتفشي الإلحاد والفلسفة الباطنية...؟ كفوا أنتم ومن أوحى لكم بهذا الغث الخطابي عن هذا الإلهاء السطحي بتغييب الوعي السياسي عن همومنا الكبيرة بالحرية والكرامة والمساواة... كونوا بمستوى المرحلة الحاضرة وتحدياتها... وإلا مارسوا الصمت فهذا أفضل لكم ولنا.
أخر كلام
كانت تتحدث وتتوعد بلسان السلطة
29-03-2018