واشنطن تحاول إبعاد إردوغان عن بوتين
التصعيد «الأطلسي» ضد موسكو يعيد رسم الأولويات
التصعيد الأطلسي ضد روسيا، بعد طرد العشرات من دبلوماسييها، على خلفية تسميم العميل الروسي المزدوج في بريطانيا، يعتبره البعض في واشنطن رسالة تتخطى حدود حادثة التسميم نفسها.وهناك من يعتقد أن مرحلة الصبر تجاه سلوك الرئيس الروسي العدواني والمستفز للغرب انتهت، وأن الطرد الجماعي للدبلوماسيين هو إعلان توجه سياسي يستعد الغرب لاتخاذه مع موسكو، من الآن فصاعداً، في العديد من الملفات الدولية لا لإنهاء تدخلاتها في شؤون الدول فحسب، بل لمحاسبتها على أفعالها أيضاً، سواء في هجماتها الإلكترونية أو توسيع نفوذها واحتلالها أراضي الآخرين.وكان لافتاً إعلان طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في اتصاله الهاتفي بهما، أمس الأول، الأخذ بعين الاعتبار الدور التركي في سورية والعراق، خلال مناقشة الإجراءات الأطلسية ضد موسكو.
وأفاد مصدر مطلع بأن إعادة رسم حدود «الاشتباك» مع روسيا في المنطقة يتطلب إعادة تقويم العلاقة مع لاعبين إقليميين، إذا كان مطلوباً تشكيل جبهة متراصة في مواجهة محاولات موسكو استغلال التناقضات القائمة مع بعض الحلفاء. وأكد المصدر أن تفاهماً أميركياً ــ تركياً مبدئياً على مستقبل شمال سورية، وصولاً إلى الحدود العراقية، قد حصل لتحييد «الخطر الكردي» عنها، مما يمنح أنقرة منطقة نفوذ لا يستهان بها، ويعزز أوراقها تجاه علاقتها بموسكو، مقابل التنسيق معها على مواجهة النفوذ الإيراني في سورية والعراق، كأولوية أميركية راهنة، عززتها التغييرات التي جرت في تركيبة الإدارة الأميركية.وأضاف أن حماية المنطقة العازلة، التي أقامتها واشنطن بين سورية والعراق، وصولاً إلى جنوب شرق سورية، وإغلاقها بوجه إيران، تتطلب تنسيقاً مع القوى الحليفة، وبينها تركيا وإسرائيل والدول العربية، التي لها مصلحة في وقف تدخلات طهران.ويرى المصدر أن سباقاً مع الوقت يجري الآن في المنطقة، قبل انتهاء مهلة الإنذار التي منحها ترامب للقوى الكبرى لتعديل الاتفاق النووي، وخصوصاً أن التغييرات في إدارته تشير إلى أن فرص المناورة باتت أضيق أمام اللاعبين، وتحديداً أمام طهران، إذ تشير الرسائل المتعددة التي وصلت إليها إلى أن احتمال تعرض كياناتها القائمة في سورية واليمن لضربة مباشرة ينتظر ما قد تسفر عنه اتصالات اللحظة الأخيرة.وكشف أن إسرائيل ليست بعيدة عن التنسيق مع روسيا في هذا المجال، بعدما فرضت موسكو على إيران الانضباط في معركة الغوطة الشرقية، وباتت لها اليد العليا في تقرير مصير كل من النظام ومناطقه.وأوضح أن حواراً إسرائيلياً ــــ روسياً قد يكون أفضى إلى تفاهمات مشتركة حول مصير الانتشار الإيراني في سورية، سواء كان هذا الانتشارا عسكرياً، عبر ميليشياتها المتعددة، أو قواعدها ومصانع السلاح التي تبنيها.ولفت المصدر إلى أن موسكو قد تجد نفسها مضطرة إلى قبول الشراكة مع الآخرين بسورية، في ظل التصعيد الغربي ضدها، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة فتح السجال حول مستقبل العملية السياسية في هذا البلد، واحتمال إجراء تغييرات في بنية نظام الرئيس بشار الأسد نفسه في مرحلة لاحقة.