المخرجة هالة القوصي: الفيلم الجيد يستمر مهنياً في حين تختفي أعمال «الفرقعة»
• تجربتها الأولى «زهرة الصبار» حصدت جائزتين
قدّمت المخرجة المصرية هالة القوصي فيلمها الأول «زهرة الصبار»، وشاركت به في مهرجانات عدة من بينها «دبي السينمائي» حيث حصلت البطلة منحة البطراوي على جائزة أحسن ممثلة، في حين حصد الفيلم في «أسوان لأفلام المرأة» جائزة لجنة التحكيم.
يُعرض العمل في عدد من قاعات السينما في مصر وسط جولات لأبطاله. كان لنا مع هالة القوصي هذا الحوار.
يُعرض العمل في عدد من قاعات السينما في مصر وسط جولات لأبطاله. كان لنا مع هالة القوصي هذا الحوار.
من أين جاءت فكرة «الثلاثة أجيال» لتكون محور قصة فيلم «زهرة الصبار»؟تطور السيناريو على مدار ثلاث سنوات. لم يكن في البداية يعتمد على أن البطولة لثلاثة أجيال. وأعتقد أنه حدث بشكل غير واع نتيجة لمروري بتجارب عقب ثورة 25 يناير مع أشخاص أكبر مني وأصغر مني، وهو ما لم يحدث معي سابقاً. فككت الثورة المصرية تفاصيل معينة لها علاقة بالطبقات وخلقت تجانساً أكبر بينها، وكنت أستمدّ طاقتي من الشباب وأشعر بالراحة مع من هم أكبر مني في السن. ففي الظروف الصعبة لا بد من أن يحدث ترابط بين الأجيال. قمت بمعادلة، وهي كيف نتلمس طريقنا في فترة صعبة، وأردت إعادة التقدير إلى فئة الشباب وهم الأمل في الحياة، بالإضافة إلى أنهم كانوا يلومون الكبار مع اقتناعي بأنهم لا بد من أن يأخذوا من الماضي والحاضر في آن.لشخصية «سميحة» التي قامت بها منحة البطراوي سمات صعبة. لماذا اخترتها؟
أحب منحة البطراوي في أفلامها كافة، وكنت معنية بأن أعمل مع إنسانة حقيقية أكثر من فنانة خضعت لجراحات تجميل أو مصطنعة، فثمة ممثلات قديرات يحاولن الظهور في أعمار أصغر، لذا استبعدتهن من حساباتي. ولما كانت البطراوي عملت مع مخرجين كبار فتوقعت أن تتقبل الفكرة، وهي قدمت أدواراً عدة فيها مساحة من الجرأة. بالإضافة إلى أنني بالنظر إلى السوق التجاري أجد أن ثمة فنانات لا أستطيع التعامل معهن بسبب المكانة التي وصلن إليها.هل توقعتم أن يحقق الفيلم هذا النجاح؟لدي قناعة تامة بأن «الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً». كان والدي يعمل بجدية ورغم الصعاب فإنه حقّق النجاحات، وأنا ورثت ذلك منه. في النهاية، نقدم الفيلم وننفق عليه وهو سيجد مكانته، وهذا أهم من التملق والترويج لمشروع قبل أن نصنعه. فالعمل الجيد يستمر مهنياً أكثر من الفرقعة المحدودة، والفيلم كإعداد الطعام له مكونات، ولكل مخرج وصفة يجب أن تطابقها النتيجة النهائية. منذ البداية حتى النهاية، كانت الشكوك موجودة حول نجاح الفيلم، ولكن لم نقدم تنازلات واستطعنا أن نحدث علامة لدى الجمهور.
شخصيات
قدّم الشاب مروان العزب دور الشاب ياسين، ما هي معايير اختيارك له؟ اخترناه من بين 50 شاباً. كنت في البداية متأكدة من أن الشريحة التي تقع فيها سن مروان سيكون الاختيار منها سهلاً، ولكن لاحظت بأن كثيرين لديهم الرغبة في ذلك، ولكنهم لا يملكون أي معلومات عن التمثيل ولا يجيدونه. أما مروان فكان مرتاحاً إلى جانب الفنانة سلمى سامي وطلبنا إليه العودة مجدداً، فاقتنص الدور ووقع والده العقد عنه في البداية، لأنه كان ما زال قاصراً.أرى أن شخصية أحمد كانت جدلية. كيف لحبيبته أن تكون قوية وفي الوقت نفسه مكسورة معه؟كنا نردد في كواليس الفيلم «في حياة كل امرأة أحمد». يملأ الرجل الفراغ بالصمت، فهو يحبها من دون أن يذكر ذلك. يكفي أن يقول «وحشتيني» وهي تحمل كثيراً من المعاني. كانت حبيبته معجبة به لأنه كان كاتباً معروفاً قبل أن تعرفه وله في قلبها منزلة كبيرة، وحين يقول إن لديه عملاً مهماً فهي لا تنزعج لأنها طالما كانت تقدر ذلك ولا ترى فيه انكساراً لها.ماذا عن توجيهاتك لصدقي صخر الذي جسد شخصية أحمد في الفيلم حتى يخرج بهذه النتيجة؟كانت توجيهاتي لصدقي أن الجمهور يجب أن يرى لماذا تحبه الفتاة، وأن الشخصية ليست حول «الوغد المتكامل»، فهو ليس شريراً. كلنا نتفهّم ألا يريد أحد الأشخاص الارتباط، ولكن يجب أن يكون صريحاً ويقول أنا لست جاهزاً.لماذا لم تظهر شخصية الأم منذ البداية وتُركت إلى نهاية الفيلم كنوع من الحل؟أردت أن أقدِّم علاقتها بابنتها من خلال عقلها الباطن في البداية، وكنت مقتنعة بأن أية مشكلة تقابل المرء في مرحلة متقدمة من حياته لا بد من أن جذورها تكمن في طفولته. وفي اللحظة التي يدرك فيها المشكلة يعرف أن البداية كانت في الطفولة. لم أهتم بفكرة الشخصية المثالية للأم. في الفيلم، رزحت الأم تحت ضغوط، وفعلت كل ما تستطيع، علماً بأن المجتمع لدينا يضع الضغوط على الأمهات ولا ينظر إلى ما يقابلنه. كانت الأم تبحث عن الأفضل لابنتها فتركتها لأبيها كي لا تتسول بها، لأنها لا تملك أي إمكانات.صعوبات السينما المستقلة
حول الصعوبات التي تواجه السينما المستقلة راهناً، تقول هالة القوصي: «في الدول كافة يتوافر صندوق دعم صناعة السينما، ويكون حريصاً على التجديد في السينما لصناعة مشروعات مغايرة للأفلام التجارية ووفقاً لكل مسابقة. تكمن المصاعب في أن نجمع أموال التمويل، فيما السينما التجارية والتلفزيون صناعتان مزدهرتان تعملان على رفع الأجور». تتابع: «الموازنة المحدودة لدينا تجعلنا نبحث عن أوقات فراغ الممثلين والفنيين لنصوِّر أفلامنا، فضلاً عن الصعوبات التي نواجهها على مستوى الأوراق الرسمية من المعاملات والاتصالات وغيرها ليخرج الفيلم بشكل قانوني».
سيناريو «زهرة الصبار» تطوّر على مدار ثلاث سنوات