ما يفعله الرئيس الفلبيني هو اقتداء بتصرف الرئيس الأميركي في تعامله معنا ورضوخنا أمامه، فالطريق أصبح واضحاً لمن يريد التعامل معنا، لا تدخل عليهم بأدب ولا تحاورهم باحترام ولا تلتفت لما يقولون، ولكن كلما ازددت إهانة لهم خنعوا أكثر وتعطفوا وتوسلوا للمتجبر أن يرحم ويعطف، ولا يخرج من ديارهم غاضبا، نحن علمناهم أن عصر العزة العربية قد انتهى، وأن الزعماء العرب الذين كانوا يجبرون العالم على احترامهم انتهوا ولم يعد منهم إلا القليل.الرئيس الفلبيني لديه قضية، وشكوى العمالة الأجنبية لها ما يبررها، فعندنا أناس لا يخافون الله، ولا يحملون في قلوبهم ذرة رحمة، وأصبح الخادم بمثابة عبد عندهم فأساؤوا إلى الآخر وأساؤوا إلى بلدهم وشعبهم، ونحن بحاجة إلى تقنين العلاقة وبحاجة إلى التوعية ورفع مستوى الإحساس بالآخرين وبكل شيء.
لا يجوز أن ننتظر حتى يقف أمامنا من يعلمنا دروسا في الأخلاق والتعامل بين البشر، ومن ثم يفرض علينا كيف نتعامل مع أبناء بلده، كان المفترض أن نقول للرئيس الفلبيني إن أحداً لا يفرض علينا كيف نتصرف، وإن أراد الفلبينيون العودة إلى بلادهم فليكن، والدلائل لا تدل على وجود مثل هذه الرغبة، لكننا سنقوم بما تمليه علينا ضمائرنا وقوانين احترام حقوق الإنسان، فلا نفاوضه ولا نساومه ولا نلتقيه وهو بهذا القدر من الاستعلاء، تماما كما كان واجبا أن نفعل مع ترامب وغيره من رؤساء الدول، فالخنوع لا يزيدنا إلا ذلا ولا يزيدهم إلا طغيانا.إذا أعلنا رفضنا لأسلوب الإملاء من أي طرف فعلينا الاستعداد لمواجهة الآخرين والتفاوض بمهنية ومهارة حول أي موضوع مطروح للتفاوض، وهذا يتطلب تكوين فريق من المتفاوضين من عدد من المختصين في مجال التفاوض المطلوب، وأن تكون لهذا الفريق استراتيجية واضحة وخطة عمل لكل مهمة يكلف بها، والكويت تمتلك من القدرات التفاوضية عناصر كويتية محترفة في كل مجالات الأعمال والتجارة والسياسة، ومنهم رجال ونساء عملوا في القطاع النفطي والمصارف وشركات الاستثمار، بالإضافة إلى مفاوضي الحكومة ومؤسساتها وهيئاتها المختلفة.ففي كل هذه الجهات لدينا مفاوضون ممارسون ومتميزون فاوضوا حكومات وأكبر الشركات وحققوا نجاحات كبيرة، وللأسف معظم كبار الخبراء الكويتيين من القطاع النفطي تقاعدوا أو طلب منهم التقاعد، وهم إما يعملون الآن لحسابهم أو لحساب شركات عالمية أو بقوا ساكنين في بيوتهم.هؤلاء يمكن أن يشكلوا العمود الفقري لمنظومة التفاوض الكويتي، ويكلف فريق منهم حسب المهمة موضوع التفاوض، لكننا للأسف لا نستخدم قدراتنا وإمكاناتنا المحلية، وأخشى أننا لا خطة لنا في مواجهة أي عاصفة تواجهنا، وفي شأن مشكلة العمالة الفلبينية يمكن أن يحقق الفريق نتائج أفضل من الجري لإرضاء الرئيس الفلبيني.لا يجوز بل من المهين أن يدخل علينا رئيس دولة ليفرض علينا طلباته، ولو واجهنا الرئيس الأميركي بقدر من الاعتداد بالنفس وبقدراتنا وإمكاناتنا وبالأسلوب الذي يعرفه عند التفاوض مع الآخر لما استهان بنا كما فعل، ولما صفعنا تلك الصفعة المدوية التي تظهر مدى استخفافه بنا.الإعلان الفج والمهين للرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لما يسمى إسرائيل لم يكن ليقوم به لو كان قد سمع كلمة قوية وصريحة واحدة، لكنه اعتبرنا عبيدا له يتحكم فينا كما يشاء، وهو يرى قمة التذلل والرجاء والإغراق بالأموال لكي ننال رضاه، وفقد أي تقدير لنا عندما اعترض على قرآننا ووعدناه باختيار ما يرضى عنه في تدريس أبنائنا، اليوم تطاول رئيس الفلبين وغدا غيره وغيره، فمن هانت عليه نفسه هانت عند غيره.
مقالات - اضافات
من هانت عليه نفسه
30-03-2018