أرجوحة: «بحبك يا حمار»
لم أقصد مهاجمة الحمير، بل قصدت مهاجمة من تعرفونهم ممن لا يميزون «الحمير السوداء المخططة بالأبيض» من «الحمير البيضاء المخططة بالأسود»، ويقتصر دورهم في الحياة على العلو والتفاخر والتكبر وإثارة النعرات الكاذبة.
مع ردود الفعل الواسعة على المقالة السابقة "اسأل الحمار يا ابني"، وجدت التجاوب والتعاطف والدفاع عن الحمير في الكثير من الردود، بالإضافة إلى مطالعتي المقالة الرائعة للكاتبة المبدعة سمر المقرن التي دافعت فيها عن الكلاب قائلة "لا تظلموا الكلب"، ويبدو أن الجميع وجد أن بعض أفعال بني البشر قد تجاوزت حدود الحيوان، وفي النهاية تبقى الحيوانات مفيدة ونافعة، غير أن هؤلاء البشر لا نفع لهم ولا همّ لهم إلا إثارة النعرات والتعصبات التي أخذت من الحيوانات أسوأ ما فيها، وتركت من البشر أرقى ما فيهم، فأخدت صوت الحمير في العلو المُنكَر المؤذي للسمع، وأخذت لهاث الكلاب نحو المصالح الشخصية على حساب مصالح الوطن والمواطنين، وأخذت تزلف القطط وإنكارها للخير والنعمة والخيرات التي جنتها وتجنيها من تراب هذا الوطن الكريم.وقد رأيت أن من الكلمات والتعليقات الجميلة التي وصلتني على المقالة السابقة، تعليقاً من أخي الدكتور ماجد الفضلي جاء فيه كما يلي "كان في حمار صغير يبي ينتحر من جبل، فقال له أبوه يا بني ارجع أنت صغير، والعمر أمامك طويل، لا تتهور! فأصر الجحش على الموت! فسأله أبوه عن السبب الذي دعاه للتفكير في الانتحار؟! فقال له الجحش يا أبي نحن يستعملنا الناس في حمل أغراضهم، ويلعبون على ظهورنا، و... و... إلى آخره، وإذا أخطأ أحدهم عيروه وقالوا له يا حمار، إنهم يسخرون منا والله سخرنا لهم، ويصفوننا بالغباء والحمق، ويضربوننا دون رحمة وهذا ليس عدلاً ولا صحيحاً كما تعلم، فإذا متُّ وأنا صغير أفضل من الإهانة، قال له أبوه ولكننا لا نخون من ائتمننا أو صاحبنا ونصبر عليه رغم إساءته، ولا نأكل مال بعضنا، ولا نقطّع أرحامنا، ولا ننكر المعروف، ولا نخون الأمانة، ولا نعض يد من أحسن إلينا؛ ولكن بني البشر يعضون يد المحسن ويقطعون المعروف، ويسرقون أبناء جلدتهم، بل يسرقون خيرات أوطانهم، ولا يحترمون صغيرهم ولا يوقرون كبيرهم، ويفعلون الكثير مما لا نفعله نحن أيها الجحش الصغير، هذا فرقنا عن أغلب البشر".شكراً أخي الحبيب والعزيز د. ماجد الفضلي على هذا التعليق الطيب، الذي وضع الأمور في نصابها، ولعل البعض يتوقف ويفكر ولو لبضع دقائق ليعلم أن الإنسان إذا طغت عليه طبيعته المادية وأخضعته لجبروتها، ربما صار أقل من الحيوانات، وإذا طغت عليه طبيعته الروحية ربما ارتقى إلى مصاف الملائكة، جعلنا الله وإياكم من المتقين والراقين في الدرجات الروحية والإيمانية.
إخواني وأعزائي القراء لم أقصد مهاجمة الحمير، بل قصدت مهاجمة من تعرفونهم ممن لا يميزون "الحمير السوداء المخططة بالأبيض" من "الحمير البيضاء المخططة بالأسود"، ويقتصر دورهم في الحياة على العلو والتفاخر والتكبر وإثارة النعرات الكاذبة، وربما كان لنا في نصائح لقمان الحكيم لابنه أعظم الدلالة والهدي "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّه لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ"، فصبراً أيها المختال. قريباً سأضعك في حجمك الطبيعي، فأنا سقراط أيها السفسطون.الأربعاء الجميل:كان في يوم الأربعاء مناسبتان غاليتان علي، وصول أخي مشعل بوشهري مشافى معافى وحكم الاستجواب المحدد في مطلع شهر مايو القادم الذي سأسطع بالحق في ذلك اليوم أمام جبروت شياطين المال ليرفع القاضي حكمه بعدها مستهلاً "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"، شكرا من القلب لكل من ساندني ورفع من معنوياتي طول السنوات العجاف الأربع التي مررت بها، واسمحوا لي طبع قبلتين على جبين المحاميين ثامر مبارك وخالد مبارك وعلى قضائنا الشامخ، ودمتم بخير.