رفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس، وساطة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لإجراء حوار بين أنقرة وقوات سورية الديمقراطية "قسد"، ذات الأغلبية الكردية، التي زار ممثلون عنها الإليزيه وتلقوا وعداً بالمساعدة في إرساء الاستقرار في مناطق سيطرتها.

وفي خطاب حاد ألقاه في أنقرة، قال إردوغان: "لسنا بحاجة لوساطة ومتى كانت تركيا تجلس إلى الطاولة مع منظمة إرهابية؟"، مشدداً على أن فرنسا تبنت "نهجاً خاطئاً، ونأمل أن يكون نتيجة سوء فهم".

Ad

وقال غاضباً: "الذين يقولون وعدنا وحدات حماية الشعب بدعمهم، يمكننا التوسط بين تركيا وقوات سورية الديمقراطية، يتخطون حدودهم". وتابع: "يمكنكم الجلوس إلى الطاولة مع منظمات إرهابية لكن تركيا ستواصل حربها ضد الإرهاب".

وهاجم إردوغان فرنسا. وقال إنها "لم تقدم بعد كشفها بماضيها القذر والدموي" و"بعد هذا الموقف لم يعد لديها حق أن تشكو بشأن منظمات إرهابية وإرهابيين وهجمات إرهابية".

وأكد الرئيس التركي أن نظيره الفرنسي أدلى "بتصريحات غريبة" في اتصال حول سورية الأسبوع الماضي، وقال: "اضطررت لأن ألفت نظره إلى ذلك، وإن كانت النبرة مرتفعة قليلاً".

حوار واستقبال

وقبله، قال الناطق باسم الرئاسة ابراهيم كالين: "نرفض أي جهد يهدف إلى تشجيع حوار أو اتصالات أو وساطة بين تركيا وهذه المجموعات الإرهابية"، مضيفاً: "بدلاً من اتخاذ إجراءات من شأنها أن تترجم على أنها توكل شرعية لمنظمات إرهابية، على الدول التي نعتبرها صديقة وحليفة أن تتخذ موقفاً حازماً ضد الإرهاب بكل أشكاله واختلاف أسمائه".

واستقبل الرئيس الفرنسي أمس الأول في الإليزيه وفداً من "قسد" ضم "عدداً متساوياً من النساء والرجال العرب والأكراد السوريين"، وأشاد "بالتضحيات وبالدور الحاسم" لها في مكافحة داعش".

وخلال اللقاء، أكد ماكرون التزام فرنسا ضد حزب العمال الكردستاني وتمسكه بأمن تركيا، لكنه دعا أيضاً إلى حوار بين أنقرة وهذه القوات المدعومة أميركياً.

سنجار ومنبج

وعلى الأرض، تحدث إردوغان عن بدء القوات التركية التحضير لطرد المسلحين الأكراد من عين العرب "كوباني" وتل أبيض والحسكة حتى الحدود العراقية- السورية، واستعدادها لدخول سنجار في أي وقت، مشيراً إلى أن أنقرة ليست لديها نية لإيذاء عناصر الدول الحليفة في المنطقة لكنها لا تسمح للمسلحين الأكراد بالتجول هناك بحرية.

في المقابل، أفادت مصادر في قصر الإليزيه بأن الحكومة الفرنسية تشاطر الولايات المتحدة موقفها الرافض لأي عمليات عسكرية تركية في منبج ولا تتوقع شن أي عمليات عسكرية في شمالي سورية خارج نطاق التحالف الدولي ضد "داعش".

انسحاب أميركي

وتزامناً مع إعلان قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل زيارته إلى سورية ولقاءه قيادات التحالف الدولي، كشف الرئيس دونالد ترامب أمس الأول عن نيته سحب أكثر من ألفي جندي منشرين في شرق سورية "قريباً جداً"، معبراً عن أسفه لتبديد واشنطن 7 تريليونات دولار في حروب الشرق الأوسط.

وفي خطاب شعبوي أمام عمال صناعيين في أوهايو، قال ترامب، وسط تصفيق حار، إن القوات الأميركية باتت قريبة من تأمين كل الأراضي التي سيطر عليها في الماضي تنظيم "داعش"، مضيفاً: "سنخرج من سورية في وقت قريب جداً. ولندع الآخرين يتولون الاهتمام بها الآن"، دون أن يحدد مَن يقصد بهؤلاء.

وكرر ترامب أنه: "قريبا جداً، سنخرج من هناك قريباً جداً وسنعود إلى بلدنا الذي ننتمي إليه ونريد أن نكون فيه. بعد أن نسيطر على مئة في المئة من أرض الخلافة كما يسمونها"، ومضى قائلاً: "أنفقنا سبعة تريليونات دولار في الشرق الأوسط. هل تعلمون ما الذي حصلنا عليه لقاء ذلك؟ لا شيء"، متعهداً بتركيز الإنفاق الاميركي في المستقبل على خلق وظائف وبناء بنية تحتية في بلده.

ورداً على سؤال طرحه صحافي في وقت لاحق عما إذا كانت على علم بأي قرار بانسحاب أميركي من سورية، قالت الناطقة باسم الخارجية الاميركية هيذر نويرت "لا لا علم لي. لا".

اتفاق دوما

في غضون ذلك، لا يزال مصير مدينة دوما معلقاً بانتظار إعلان نتائج المفاوضات المباشرة بين روسيا و"جيش الإسلام"، الفصيل الأكثر نفوذاً في الغوطة الشرقية.

وأعلن رئيس عمليات الجيش الروسي سيرغي رودسكوي أمس، التوصل إلى اتفاق مع الفصائل المسلحة في دوما لخروجها من المدينة الواقعة في الغوطة الشرقية، التي يستهدفها هجوم واسع النطاق تشنه قوات الرئيس بشار الأسد، في المستقبل القريب.

ورداً على رودسكوي، نفى الناطق العسكري باسم "جيش الإسلام" حمزة بيرقدار التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، مؤكداً أن "المفاوضات جارية للبقاء في المنطقة. ولم نصل لاتفاق بعد" في دوما.

ووفق رودسكوي، فإنه 28.4 ألف مدني خرجوا من دوما عبر الممر الإنساني في مخيم الوافدين. ومن المقرر إتمام انسحاب التشكيلات المسلحة من عربين وجوبر اليوم، بإجمالي نحو 31 ألفاً و915 شخصاً.

وذكر رودسكوي أنه تم إخراج 143 ألفاً و194 شخصاً من الغوطة الشرقية منذ بدء الهدنة الإنسانية في المنطقة، بمن فيهم 105 آلاف و857 مدنياً و13 ألفاً و793 مسلحاً و23 ألفاً و544 شخصاً من أفراد عائلاتهم.

تنظيف الغوطة

وفي مؤتمر صحافي مع مبعوث الامم المتحدة ستيفان ديميستورا، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن الغوطة الشرقية "تم تنظيفها بشكل شبه تام بإجلاء غالبية المقاتلين والعناصر الإرهابية، وستعود الحياة المدنية إليها".

وقال لافروف "هناك اتصالات مع جيش الإسلام. فهم يتصلون بنا ويبعثون برسائل ويحادثوننا عبر الهاتف، كما نعقد لقاءات"، و"هناك فرص لإحراز تقدم في المفاوضات".

من جهته، أعلن المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون أمس، مقتل اثنين من عناصره وجرح 5 آخرين في انفجار عبوة ناسفة في سورية مساء أمس الأول، مؤكداً أنه سيتم كشف الأسماء وفقاً لتقدير السلطات الوطنية بعد التحقيق في ملابسات الحادث.