يقول الخبراء في اتجاهات الرأي بين الناخبين العراقيين، إن المصوِّت يميل تقليدياً إلى القائمة الانتخابية التي يتزعمها رئيس الحكومة، ويستشهدون بما حصل مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ولذلك فهم يقدرون أن خلفه حيدر العبادي سيحصل على كتلة نيابية كبيرة قد تصل إلى 80 مقعداً، أي نحو نصف الاستحقاق الشيعي، مما يؤهله بقوة لولاية ثانية.

إلا أن خصوم العبادي المتمثلين بسلفه نوري المالكي ومرشحي الميليشيات المقربة إلى طهران، أخذوا يروجون أن العبادي لن يحصل إلا على نصف العدد المذكور، لأن الجمهور الشيعي بدأ يدفع ثمن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن هبوط أسعار النفط، فقد تقلصت المرتبات والمعونات الاجتماعية، وتوقفت المشاريع الحكومية، وتأثرت الخدمات بشدة، وهناك تظاهرات تعم مدناً كثيرة ذات أغلبية شيعية جنوب بغداد وفي أطراف البصرة تطالب بالخدمات، وتهدد بالتصعيد كلما اقترب موعد انتخابات مايو المقبل.

Ad

ويذكر هؤلاء أن الطريقة الوحيدة التي يربح فيها العبادي مقاعد تكفيه لولاية ثانية هي التلاعب الإلكتروني، متهمين إياه بالاستعانة بشركات برمجيات متخصصة أوروبية وأميركية يمكنها التلاعب بأجهزة العد والفرز الحديثة التي استوردها العراق من كوريا الجنوبية للمرة الأولى.

وتدافع سيول المصنعة لهذه الأجهزة عن كفاءة تجربتها في الانتخابات، وأصدرت الأمم المتحدة بياناً تضمن فيه سلامة عملها، لكن الاتهامات ستتواصل وستهدد بوضع نتائج الاقتراع أمام أزمة طعون غير مسبوقة ستكلف الجميع كثيراً من الوقت الصيف المقبل.

أما أنصار العبادي فقد بدأوا بتحريك مراكز أبحاث حليفة عراقية وأميركية لتوزيع استطلاعات رأي تؤكد تفوقه على خصومه بفارق واضح.

وطبقاً لاستطلاع أعده مركز «أفكار عراقية»، انتشر مطلع الأسبوع الماضي، وقيل إنه شمل ألف عراقي من مختلف المدن، فإن العبادي الذي يتزعم تحالف «النصر» هو الأكثر شعبية بين السياسيين بنحو 70% داخل المدن الشيعية، يليه تيار تحالف مقتدى الصدر والشيوعيين، ثم هادي العامري ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، بينما حصل تكتل دولة القانون بزعامة المالكي على 5% فقط، وهذه نسب إن صدقت فستعني موتاً سياسياً مدوياً للمالكي.

وبعد يومين أصدر مركز أبحاث أميركي بالتعاون مع معهد عراقي استطلاعاً آخر يؤكد نتائج الأول، إذ يحصل العبادي بموجبه على 72 مقعداً، بينما حظيت الميليشيات بنحو 37 مقعداً، وتحالف الصدر والشيوعيين 27، في حين لم يبق للمالكي إلا 19 مقعداً.

ورغم أن حلفاء إيران يسخرون من هذه الأرقام التي قد تنطوي على مبالغة فعلاً، فإن موقفاً أميركياً مسموعاً داخل بغداد يبدي تعاونه مع الجناح النجفي الداعم للعبادي، سواء المرجعية العليا للسيستاني التي لا تبدي رأياً معلناً، لكن موقفها ضد المالكي وطهران أوضح من أن يكون سراً، وكذلك تحالف الصدر مع قوى اليسار والعلمانيين، ومعظم التكتلات السنية التي لن تطيق العمل مع المالكي مرة أخرى، فضلاً عن موقف الأكراد المعروف.

ويتردد أن مقتدى الصدر أبلغ الميليشيات أن أي محاولة منهم لطرح بديل عن العبادي، وتقسيم التحالفات الأخرى بالإغراء أو الوعيد واستغلال أدوات طهران، سيكون لها ثمن.

وتؤكد مصادر مطلعة في بغداد أن الصدر يتسلح بخبرات احتجاج وتظاهرات واسعة، وقد يلجأ إلى الشارع ويكرر اقتحام مقرات الحكومة كما فعل عام 2016، إذا حاولت طهران استخدام نفوذها لطرح بديل عن العبادي يكون طيعاً للسياسات الإيرانية.