بالتزامن مع إعلانه نيته إخراج قوات بلاده في وقت قريب جداً من سورية، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليمات بتجميد تحويلات مالية بقيمة 225 مليون دولار مخصصة لإعادة إعمار سورية.

وقال متحدث باسم مجلس الأمن الوطني التابع للبيت الأبيض، إنه "وفقاً لتوجيهات الرئيس، ستعيد وزارة الخارجية تقييم مستويات المساعدات الملائمة، وأفضل طرق استخدامها والتي تقوم بها بشكل مستمر".

Ad

وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إلى أن مسؤولين أميركيين حذروا من أن تجميد هذه التحويلات المالية يمكن أن يوقف العمل في برامج قائمة في الوقت الحاضر، منها توفير موارد طاقة، وإزالة القنابل غير المتفجرة وغيرها من أعمال إعادة الإعمار.

وكان ترامب أكد في خطاب ألقاه بولاية أوهايو أن خروج القوات الأميركية من سورية بات قريباً، مضيفاً: "ليتولى رعايتها الآن أشخاص غيرنا".

وبالفعل قال مسؤولان كبيران بالإدارة الأميركية لـ"رويترز"، إن ترامب أبلغ مستشاريه برغبته في انسحاب القوات الأميركية مبكراً من سورية، وهو الموقف الذي قد يثير خلافات بينه وبين الكثير من كبار مسؤوليه، وربما مع مستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون.

وقال المسؤولان إنه من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الوطني اجتماعا في بداية هذا الأسبوع، لبحث الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" في سورية.

وأوضح أحد المسؤولين أن ترامب يعتبر أنه "بمجرد تدمير داعش وفلولها فإن الولايات المتحدة ستتطلع إلى لعب دول بالمنطقة دورا أكبر في توفير الأمن والاكتفاء بذلك". وأضاف المسؤول أن معالم الاستراتيجية الجديدة لم تتضح بعد.

وقال المسؤول الثاني إن مستشاري ترامب للأمن القومي أبلغوه أنه ينبغي أن تبقى أعداد قليلة من القوات الأميركية لعامين على الأقل، لتأمين المكاسب التي تحققت بعد هزيمة المتشددين، وضمان ألا تتحول سورية إلى قاعدة إيرانية دائمة.

وذكر أحد المسؤولين أن كبار مساعدي ترامب للأمن القومي بحثوا الوضع في سورية، خلال اجتماع بالبيت الأبيض، لكنهم لم يستقروا بعد على قرار.

وأمس الأول قتل عنصران أميركي وبريطاني من قوات التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين بتفجير عبوة ناسفة في منبج شمال سورية.

بن سلمان

في السياق، طالب الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع السعودي، بعدم انسحاب الوحدات الأميركية من سورية. وفي مقابلة مع مجلة "تايم" الأميركية، نُشِرَتْ مساء أمس الأول، قال: "نعتقد أن على القوات الأميركية أن تبقى في سورية على الأقل على المدى المتوسط، إن لم يكن حتى على المدى البعيد".

وأوضح بن سلمان أن الوجود الأميركي في سورية هو المحاولة الأخيرة لمنع إيران من توسيع نطاق نفوذها في المنطقة، مشيراً إلى أن إيران تعمل مع ميليشيات وحلفاء إقليميين على إنشاء طريق بري يبدأ من لبنان ويمر بسورية والعراق وصولاً إلى العاصمة الإيرانية طهران.

وتابع بن سلمان أن مثل هذا "الهلال الشيعي" من شأنه أن يمنح إيران نفوذاً أكبر في المنطقة.

واستبعد الأمير محمد رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، وقال لـ"تايم": "بشار سيبقى، لكن أنا أؤمن أن مصالح بشار لن تكون بالسماح للإيرانيين القيام بما يريدونه".

في غضون ذلك، أعلنت الرئاسة التركية، أمس، أن العاصمة أنقرة تستعد لاستضافة قمة ثلاثية تجمع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني الأربعاء المقبل، لمناقشة الأزمة السورية.

وقبل يوم من القمة ستشهد أنقرة انعقاد الاجتماع السابع لمجلس التعاون التركي الروسي رفيع المستوى برئاسة إردوغان وبوتين.

إلى ذلك، قال بكر بوزداغ نائب رئيس الوزراء التركي، أمس الأول، إن تعهد فرنسا بالمساعدة على تحقيق الاستقرار في منطقة بشمال سورية تهيمن عليها قوات يقودها الأكراد يعادل دعم الإرهاب، وقد يجعل فرنسا "هدفا لتركيا".

وأثار الدعم الفرنسي لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي يهيمن عليها مقاتلو "وحدات حماية الشعب الكردية"، غضب أنقرة التي تحارب الوحدات في شمال سورية، وتعتبرها منظمة إرهابية.

وجاء التوتر الفرنسي التركي عقب اتصال هاتفي بين ترامب والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، شدد فيه الرئيس الأميركي على ضرورة زيادة التنسيق مع تركيا في الأزمة السورية.

وأمس الأول قال البيت الأبيض إن الرئيس دونالد ترامب تحدث مع إردوغان "لبحث التطورات الإقليمية والشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وتركيا".

وقال بيان للبيت الأبيض، إن "الزعيمين أبديا دعمها لاستمرار الجهود الرامية إلى زيادة التعاون بين بلديهما، وتعزيز المصالح المشتركة كحليفين في حلف شمال الأطلسي، والعمل على حل المسائل التي تؤثر على العلاقات بينهما".

وقال بوزداغ إن الموقف الفرنسي يضع باريس على مسار تصادم مع أنقرة.

وكتب على "تويتر" قائلا "من يتعاونون مع الجماعات الإرهابية ويتضامنون معها ضد تركيا... سيصبحون هدفا لتركيا مثل الإرهابيين".

وأضاف "نأمل ألا تتخذ فرنسا مثل هذه الخطوة غير المنطقية".

على صعيد آخر، أعلن مصدر عسكري سوري أمس ان اكثر من 150 ألف شخص خرجوا من بلدات ومدن الغوطة الشرقية بريف دمشق.

يأتي ذلك مع انتهاء المهلة التي حددتها دمشق لخروج جيش الإسلام من دوما, آخر معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية. وقال المصدر السوري إن الجيش السوري "امن" أمس خروج دفعة جديدة من المدنيين من مدينة دوما بالغوطة الشرقية معقل فصيل "جيش الإسلام" عبر ممر مخيم الوافدين.