لماذا بناء الديوان؟
في يوليو 2015صدر قانون 67/2015، الذي أنشأ ديواناً لحقوق الإنسان، وما زال هذا القانون غير منفذ بعد مرور قرابة ثلاث سنوات، وهي عادة ذميمة دميمة، اعتادت عليها الحكومة والمجلس. إذن لماذا صدر هذا القانون إن لم تكن هناك نية لتطبيقه؟ يعود سبب الصدور إلى أكتوبر 2010، حيث قدمت الكويت تقريرها الأول أمام المراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان بجنيف. وتشتمل تلك المراجعة، التي تتعرض لها دول العالم دون استثناء، على تقديم توصيات للدولة التي يأتي عليها الدور، وقد تقدمت دول العالم بأكثر من مئة توصية تطالب الكويت بتطبيقها، وكان أبرزها إنشاء هيئة وطنية لحقوق الإنسان بموجب مبادئ باريس. وافقت الكويت حينها دون تردد على التوصية، لكنها وضعتها على الرف، وفجأة تذكرت عندما اقترب موعد تقديم التقرير الثاني للكويت في 2015أنها كانت قد قطعت عهداً على نفسها أمام المجتمع الدولي بإنشاء "الديوان"، إلا أن المقاول لم يحسن الإنشاء لا بالمبنى ولا بالمعنى ولا بالشكل ولا بالمضمون، فجرى "سلق" القانون سلقاً، كما حدث مع قوانين كثيرة كالبصمة الوراثية وإعدام المسيء وتخفيض سن الحدث وغيرها، وننسى ما يجري الآن سلقه بموضوع مستحق، وهو قانون تعارض المصالح، ليأتي نصف مطبوخ ونصف نيئ. وهكذا صدر القانون في يوليو 2015لتتباهى الحكومة به أمام المجتمع الدولي، فتم التباهي وعادت الحكومة إلى غفوتها مجدداً، وانتهى الأمر عند هذا الحد. وصار ينطبق علينا قول "نحن لا ننجز ولكن نتجمل" وبالذات أمام المجتمع الدولي، لدينا ملفات إنسانية كالبدون وغيرها نعالجها أمام المجتمع الدولي بالتدليس. وبمراجعة لتوصيات 2015 وجدنا أن توصيات المطالبة بإنجاز القانون زادت، إلا أن حكومتنا "يا جبل ما يهزك ريح" تتجمل بالإنسانية وتتصرف عكس ذلك. فظل القانون دون تنفيذ حتى قيل إنه سينفذ، فثار جدل جديد حول دستوريته، يعني بعد 3سنوات، من صدور القانون، يتم تعديله بمطالب بعض النواب مع أنه صار قانوناً، وفي حال حدوث تباين أو خلاف حول دستوريته كان الأجدى اللجوء به للمحكمة الدستورية، وتكون هي صاحبة الفصل في آراء سياسية متوافقة مع الحكومة التي لا تريد تنفيذ القانون أصلاً... التركيز فقط على جزئية واحدة تتعلق بمن يعين الرئيس ونائب الرئيس ليست مهمة، فالأهم هو الصلاحيات وإجراءات التنفيذ والاستقلالية، ومن خلال الاطلاع على قانون إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في أكثر من 57 دولة وجدنا اختلافات كبيرة في أسلوب التعيين. الإشكالية الأخرى هي أن الهبّة الدستورية المفاجئة والتعديل المقترح لم يبذل أصحابه أي جهد في تعديل سقطات ومثالب القانون، فغلب على الجدل الجديد الاهتمام بالشكل أكثر من الموضوع، فنحن كما قلنا نتجمل. وللحديث بقية.