الله بالنور : الانسجام مع النفس والهوية!
مشكلة هالديرة أن غير الشرفاء يتكلمون عن الشرف... والحرامية أكثر من يتكلم عن الأمانة والصدق... والكذاب والمنافق نصيبه في المجالس المهمة والمؤثرة أكبر من غيره... الثقافة تكاد تتوارى وراء الكواليس... الأدب أصبح مكنونه صفحات في الجرائد الرخيصة والإعلام الأرخص بدلاً من الترفع عن ذلك.في هذا الزمن... زمن الشهادات العليا المزورة والبحوث العلمية المشكوك فيها، وزمن الجناسي المزورة وزمن الرشوة ومكامنها وزمن المناصب العليا بالباراشوت... نرى أن فرص العمل تضيع من بين أيدي الشباب المؤهلين والجادين، مما يصيبهم بالإحباط، ويحاولون الهرب والهجرة... والسبب في ذلك معروف، أنهم اصطدموا بواقع الكويت، ووجدوا أنها بلد قتل الطموح والإنتاجية.معظمهم، أي هؤلاء الشباب المحبطون، يعيشون جواً من ضياع الهوية، فلا هم يرون اهتماماً بهم، ولا يجدون بداً من أن يقاسوا في الغربة بدلاً من التحسر على وطنهم، وعلى ضياع هويته وهويتهم الوطنية.
مع الأسف كل ذلك يحدث والإحساس به وإدراكه واضح على جميع المستويات، إلا أن التحرك لمواجهة هذه الظاهرة شبه معدوم!فلماذا لا تتحرك الجهات المعنية لتعديل ذلك المسار، وإتاحة الفرصة لهؤلاء الشباب كي يعملوا ويجتهدوا ويساهموا في نمو المجتمع في بلدهم بدلاً من لجوئهم إلى الهرب في أقرب فرصة تتاح لهم.ثم إن لذلك ثمناً معنوياً ومادياً يدفعونه لأن بلدهم غارق في الفساد، ويدركون أن انتشاله علمياً واقتصادياً واجتماعياً شبه مستحيل، لأنهم اكتشفوا أن كلمات مثل الشرف والأمانة والصدق لا تعني شيئاً في معجم الكويت الحديثة، بل هي ثقافة غريبة يصعب تطبيقها في المجتمع، فإما أن ينسجموا معها بالكذب والنفاق، أو ينسجموا مع أنفسهم بالهجرة إلى بلدان أهلها في معظمهم شرفاء وأمناء، ولا محل للكذب والنفاق والرياء كي تصل إلى المناصب، وهو الطريق الصعب إلا أنه أكثر انسجاماً مع النفس وليس مع الهوية!