أي انتصار؟!
كالغراب الذي يقض بقايا أنقاض عشه، يقيم رئيس هذا النظام السوري الأفراح والليالي الملاح، ومعه الشراذم التي تشارك في هذا العرس البائس الدامي عن بعد، بالانتصار في معركة استطالت حتى الآن لأكثر من سبعة أعوام متلاحقة، وكانت نتيجتها حتى الآن أيضاً دماراً شاملاً لسورية، وتشريداً لشعبها، وتسليماً لمقدراتها، كل مقدراتها، لدولة قاعدة "حميميم"، ولحراس الثورة الإيرانية، وللشراذم الطائفية التي تم استيرادها من أربع رياح الأرض، لتفعل في هذا البلد العربي كل الموبقات التي فعلتها والتي ستفعلها. ما جرى في الغوطة الشرقية حرب لا علاقة لهذا النظام بها، لا من قريب ولا من بعيد، فالذين حاربوا، والذين دمروا، والذين فاوضوا، هم الروس وطائراتهم وقواتهم الخاصة وجنرالاتهم وجنودهم، ومع ذلك فإن احتفال هذا النظام بهذه "الانتصارات" هو كاحتفال أسوأ الآباء باغتصاب ابنته بموافقته وأمام عينيه.الآن وبعد سبعة أعوام، أدت حتى الآن إلى هذا الانتصار المعيب، باتت دمشق، العاصمة الأموية العظيمة، تتحدث الفارسية، وبات العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان، ولم تعد هناك أي معالم تذكر الأجيال القادمة بالأمويين ومؤسسي دولتهم، الذين رفعوا مداميك حضارة عظيمة رايتها "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وعنوانها تلك المرحلة الأندلسية العظيمة.
بعد تفريغ، ليس فقط الغوطة الشرقية من أهلها، بل وكل الشريط، الذي حقق تطلعات بشار الأسد بإقامة "المجتمع المتجانس"، الذي قال إن تحقيقه يستحق أن نعتبر أنفسنا منتصرين، وأن ندفع كل هذه الخسائر التي دفعناها، وهذا في حقيقة الأمر كان واضحاً منذ البدايات، عندما كانت تلك الغارة الدموية على أطفال درعا، الذين كل ذنبهم أنهم كتبوا على جدران مدينتهم "الشعب يريد إسقاط النظام".ولعل ما لا يدركه "المسحجون" لهذا الانتصار هو أن سورية "المحررة"! أصبحت محتلة، ليس فقط من الروس والإيرانيين، ومعهم بالطبع الإسرائيليون، بل ومن قبل الأتراك والأميركيين... وكل من هب ودب... فهذا البلد العظيم تحول إلى ميدان للعبة دولية... وألاعيب الدول، كما هو معروف، مزقت ودمرت أوطاناً كثيرة، لكن يبقى أن الشعب السوري في النهاية سيكون هو المنتصر... وهذه حقائق غدت مجسدة في مناطق كثيرة من هذا العالم الفسيح!