أكد ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، أجراها الصحافي جيفري غولدبيرغ، أن إيران، وجماعة الإخوان المسلمين، والمجموعات الإرهابية، يمثلون مثلث شر، يسعى إلى إقامة إمبراطورية متطرفة، وإعادة تأسيس الخلافة وفق مفهومهم.

Ad

الإسلام

ورداً على سؤال غولدبيرغ، عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الإسلام في العالم، شدد بن سلمان على ان "الإسلام هو دين السلام"، موضحا أن المسلمين قاتلوا من أجل نشر الرسالة، حيث "لم يكن مسموحا لهم نشر كلمة الله بالحسنى، لكن في العديد من الدول، مثل إندونيسيا وماليزيا والهند، كان لدى المسلمين الحرية في نشر كلمة الله. في هذا السياق، لم يكن نشر الإسلام باستخدام السيف بل بالنشر السلمي لكلمة الله".

الوهابية

ورداً على سؤال حول "تصدير الأيديولوجية الوهابية"، أكد بن سلمان انه لا يوجد في السعودية ما يسمى "وهابية"، مضيفا: "لا أحد يستطيع تعريف الوهابية. ليس هناك ما يسمى بالوهابية. نحن لا نؤمن بأن لدينا وهابية. لدينا مسلمون سُنة ومسلمون شيعة. في السعودية قوانيننا تأتي من الإسلام والقرآن، ولدينا في الإسلام السني المذاهب الأربعة، وهي تختلف فيما بينها في بعض الأمور، وهذا أمر صحي ورحمة".

وشدد على أنه ليست هناك مسألة مذهبية في السعودية، متابعا: "في السعودية ستجدون شيعيا في مجلس الوزراء، وشيعة في الحكومة، كما أن أهم جامعة في السعودية يرأسها شيعي. لذلك نحن نعتقد أن لدينا مزيجا من المدارس والطوائف الإسلامية".

«مثلث الشر»

وتطرق ولي العهد السعودي، في حواره، إلى "مثلث الشر"، وقال إن أضلاعه هي "إيران والإخوان المسلمون والجماعات الإرهابية"، مضيفا ان "هؤلاء يسعون للترويج لفكرة أن واجبنا كمسلمين هو إعادة تأسيس مفهومهم الخاص للخلافة، ويدعون أن واجب المسلمين هو بناء إمبراطورية بالقوة، وفقا لفهمهم وأطماعهم، لكن الله لم يأمرنا بذلك، والنبي محمد لم يأمرنا بالقيام بذلك".

وأردف: "لدينا النظام الإيراني الذي يريد نشر فكره المتطرف، الفكر الشيعي المتطرف (ولاية الفقيه). وهم يعتقدون أنهم إن قاموا بنشر هذا الفكر فإن الإمام المخفي سيظهر وسيعود ليحكم العالم من إيران وينشر الإسلام حتى الولايات المتحدة. وهم يقولون ذلك كل يوم منذ الثورة الإيرانية عام 1979. وهذا الشيء مُسلم به في قوانينهم وتثبته أفعالهم".

وأشار إلى أن "الثورة الإيرانية قامت بخلق نظام قائم على أيديولوجية الشر المحض. وفي العالم السني، كان المتطرفون يحاولون استنساخ التجربة ذاتها".

وتابع: "الجزء الثاني من المثلث هو جماعة الإخوان المسلمين، وهو تنظيم متطرف آخر. وهم يرغبون في استخدام النظام الديمقراطي من أجل حكم الدول ونشر الخلافة في الظل تحت زعامتهم المتطرفة في شتى أنحاء المعمورة. ومن ثم سيتحولون إلى إمبراطورية حقيقية متطرفة يحكمها مرشدهم".

ولفت إلى أن "الجزء الأخير من المثلث يتمثل في الإرهابيين تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، والذين يرغبون في القيام بكل شيء بالقوة، وإجبار المسلمين والعالم على أن يكونوا تحت حكمهم وأيديولوجيتهم المتطرفة بالقوة".

وقال إن "هذا المثلث يروج لفكرة أن الله والدين الإسلامي لا يأمرنا بنشر الرسالة فقط، بل بناء إمبراطورية يحكمونها بفهمهم المتطرف، وهذا يخالف شرعنا وفهمنا. وفكرهم هذا يخالف مبادئ الأمم المتحدة أيضا، وفكرة اختلاف القوانين في مختلف الدول حسب حاجة كل دولة. السعودية ومصر والأردن والبحرين وعمان والكويت والإمارات واليمن كل هذه البلدان تدافع عن فكرة أن الدول المستقلة يجب أن تركز على مصالحها وبناء علاقات جيدة على أساس مبادئ الأمم المتحدة، ومثلث الشر لا يريد القيام بذلك".

خامنئي وهتلر

وفيما يتعلق بتشبيهه المرشد الايراني الأعلى علي خامنئي بهتلر، قال ولي العهد السعودي: "برأيي أن المرشد الأعلى الإيراني يجعل من هتلر يبدو شخصا جيدا. فهتلر لم يقم بما يحاول المرشد الأعلى القيام به. هتلر حاول احتلال أوروبا، هذا سيئ. لكن المرشد الأعلى يحاول أن يحتل العالم، ويعتقد أنه يملك العالم. كلاهما شخصان شريران. هو هتلر الشرق الأوسط. وفي العشرينيات والثلاثينيات، لم ينظر أي أحد إلى هتلر باعتباره خطرا، مجرد عدد قليل من الناس، إلى أن حدث ذلك. نحن لا نريد أن نرى ما حدث في أوروبا يحدث في الشرق الأوسط. نُريد إيقاف ذلك عبر التحركات السياسية والاقتصادية والاستخباراتية. نُريد تجنب الحرب".

الاتفاق النووي

وفيما يتعلق بفهم الرئيسين الأميركيين الحالي دونالد ترامب والسابق باراك أوباما لخطوة طهران، قال بن سلمان: "كلاهما يفهمان القضية، لكن أعتقد أن الرئيس أوباما لديه أساليب مختلفة. فأوباما يعتقد أنه إذا منح إيران الفرص للانفتاح، عبر الاتفاق النووي فإنها ستتغير".

وأضاف: "بالنسبة لنا، ثمة احتمالية نسبتها 0.1 في المئة بأن هذه الاتفاقية ستعمل على تغيير إيران. أما بالنسبة لأوباما، كانت النسبة 50 في المئة، لكن حتى وإن كانت احتمالية نجاحها هي 50 في المئة، فإنه لا يمكننا المخاطرة بذلك. فالنسبة الأخرى التي تبلغ 50 في المئة هي احتمالية حرب. علينا أن نذهب إلى سيناريو لا يتضمن وجود حرب".

وأكد: "نحن نقوم بردع التحركات الإيرانية. لقد قمنا بذلك في إفريقيا وآسيا وماليزيا والسودان والعراق ولبنان واليمن. نعتقد أنه بعد هذا الردع، فإن المشاكل ستنتقل إلى إيران؟ لا نعلم ما إذا كان النظام سينهار أم لا فذلك ليس هو الهدف، ولكن إذا انهار النظام، هذا عظيم، فتلك هي مشكلتهم. لدينا سيناريو حرب محتمل في الشرق الأوسط حاليا. لا يمكننا أن نتحمل الخطر هنا. علينا أن نتخذ قرارات جدية مؤلمة الآن في سبيل تجنب اتخاذ قرارات مؤلمة لاحقا".

الشيوعية والحرب على الإرهاب

وعن تمويل السعودية للمتطرفين، اقر بن سلمان أنه "خلال الحرب الباردة. انتشرت الشيوعية في كل مكان مهددة الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك نحن. وتحولت مصر في ذلك الوقت إلى نوع قريب من هذا النظام. لقد عملنا مع أي شخص يمكن أن نستخدمه للتخلص من الشيوعية بنية حسنة. وكان من بين هؤلاء الإخوان المسلمين. تم تمويلهم من السعودية، ومولتهم الولايات المتحدة. ولو عدنا بالزمن إلى الوراء، فسنقوم بالأمر ذاته. سنتعامل مع هؤلاء الناس مرة أخرى. لأننا كنا نواجه خطرا أكبر... التخلص من الشيوعية".

وتابع: "في وقت لاحق كان علينا أن نرى كيف يمكننا التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين وتصحيح مسارهم. حاولنا التحكم في حركاتهم وتقويمها. لكن بعد ذلك جاء عام 1979 الذي فجّر كل شيء. كنا نحاول إبقاء كل شيء مرتبطاً ببعضه بعضا، لمنع الانهيار. واجهنا الإرهاب في السعودية وفي مصر. عانينا الكثير من خلال محاربة الإرهاب، حتى جاءت أحداث 11 سبتمبر".

المرأة والمساواة

وردا على سؤال عن دعمه لمساواة المرأة بالرجل، قال بن سلمان: "أنا أدعم السعودية، ونصف المملكة من النساء، لذا أنا أدعم النساء. في ديننا لا يوجد فرق بين الرجال والنساء. لكن هناك أشكال مختلفة من فهمنا للمساواة".

وردا على سؤال عن سعيه الى إلغاء قوانين الولاية على المرأة بشكل نهائي، أجاب: "قبل عام 1979 كانت هناك عادات اجتماعية أكثر مرونة، لم تكن هناك قوانين للولاية. لم تكن النساء ملزمات بالسفر مع أوليائهن الذكور (مادامت في صحبة آمنة). لكن هذا يحدث الآن، ونتمنى إيجاد طريقة لحل هذا الأمر، بحيث لا يضر بالعائلات ولا بالثقافة".

وردا على إصرار المقدم إذا كان سيلغي قوانين الولاية، اجاب: "في السعودية هناك الكثير من الأسر المحافظة والعائلات المختلفة في فهمها وعاداتها، وهناك عائلات منفتحة وتتيح للنساء والبنات حرية أكبر فيما يريدون. وإذا اجبت بنعم على سؤالك فهذا يعني أنني أخلق مشاكل للعائلات التي لا تريد إعطاء الحرية لبناتها. السعوديون لا يريدون أن يفقدوا هويتهم، صحيح أننا نريد أن نكون جزءاً من الثقافة العالمية، لكننا نريد دمج ثقافتنا مع الهوية العالمية بما لا يؤثر فيها".

وعن "الملكية المطلقة"، قال بن سلمان: "الملكية المطلقة لا تعد تهديداً لأي بلد. والمملكة العربية السعودية عبارة عن شبكة من آلاف الأنظمة الملكية المطلقة، ويوجد النظام الملكي المطلق الأكبر. فنحن لدينا أنظمة ملكية قَبلية، مثل مشايخ ورؤساء المراكز على قبائلهم، وأنظمة ملكية حضرية. وإن التحرك ضد هذه الهيكلة من شأنه أن يخلق مشاكل كبيرة. إن التركيب السعودي أكثر تعقيدا مما تعتقد. وفي الواقع لا يملك ملكنا سلطة مطلقة، وتستند قوته إلى القانون. وإذا قام بإصدار مرسوم ملكي فلا يمكنه أن يقول: أنا الملك سلمان وأنا أقرر ذلك. إذا قرأت المراسيم، فأنت سترى أولاً قائمة القوانين التي تسمح للملك باتخاذ هذا القرار".

وبشأن الاعتراض على أساس ديني حول وجود إسرائيل، قال: "أؤكد أن لدينا مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى في القدس، وحول حقوق الشعب الفلسطيني. هذا ما لدينا. ليس لدينا أي اعتراض على وجود أي أشخاص آخرين وفق معاهدة سلام منصفة".

وأردف: "أعتقد أن كل شعب، في أي مكان، له الحق في العيش في بلده المسالم. أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أرضهم الخاصة. لكن يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام عادل ومُنصف لضمان الاستقرار للجميع، ولإقامة علاقات طبيعية بين الشعوب".

واستدرك: "بلدنا ليست لديه مشكلة مع اليهود. نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) تزوج امرأة يهودية. لم يملك صديقاً من اليهود فحسب بل تزوج من اليهود. وجيرانه كانوا يهودا. يوجد الكثير من اليهود في السعودية قادمين من أميركا ومن أوروبا للعمل. ولا توجد مشاكل بين المسلمين والمسيحيين واليهود. لدينا مشاكل مثل تلك الموجودة بين بعض الناس في أي مكان بالعالم. لكنه النوع العادي من المشاكل".

وعن امكانية أن يكون العداء لإيران قرب المسافات مع إسرائيل، وإذا كانت هناك مصالح أخرى مشتركة بمعزل عن ايران، ذكر: "تشكل إسرائيل اقتصادا كبيرا مقارنة بحجمها، كما أن اقتصادها متنامٍ، ولعل هناك الكثير من المصالح الاقتصادية المحتملة التي قد نتشاركها مع إسرائيل متى كان هناك سلام مُنصف، فحينها سيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي ودول كمصر والأردن".

ومن الجدير ذكره أن المقابلة أجريت قبل أحداث غزة الدامية لذلك لم يتطرق لها الحوار.

وعن الوضع في اليمن، قال الأمير محمد: "انهيار اليمن بدأ عام 2014 قبل تدخلنا بعام. حدث انقلاب ضد الحكومة الشرعية في اليمن. ومن الجانب الآخر، حاولت القاعدة استخدام هذه الخطوة لمصلحتها والترويج لأفكارها".

وأضاف: "تركز حملتنا على مساعدة الحكومة الشرعية وتحقيق الاستقرار. وتحاول السعودية مساعدة شعب اليمن، وهي أكبر مانح لليمن، والأشخاص الذين يتلاعبون بهذه المساعدات هم الحوثيون الذين لا يسيطرون على نحو 10 في المئة من مساحة البلاد".

وتابع: "ما أريد قوله هنا، لجعل الأمر بسيطاً، هو أنه في بعض الأحيان في الشرق الأوسط لا تكون لديك قرارات جيدة وقرارات سيئة. في بعض الأحيان تكون لديك قرارات سيئة وقرارات أسوأ. في بعض الأحيان يتعين علينا اختيار الخيار السيئ".

3 خطوط حمراء

وعن حرية التعبير، ذكر الأمير محمد: "في السعودية لدينا ثلاثة خطوط لا يمكنك اجتيازها، الأول هو الإسلام، فلا يمكنك تشويه سمعة الإسلام أو التجاوز عليه، والثاني، في أميركا مثلا، يمكنك انتقاد شخص وشركته أو وزير ووزارته، بينما في السعودية يمكنك انتقاد وزارة وشركة، بناء على ثقافة السعوديين، فإنهم يرفضون التجاوزات الشخصية، ويؤمنون بضرورة الابتعاد عن شخصنة الأمور، هذا جزء من الثقافة السعودية".

واستطرد: "الخط الثالث هو الأمن القومي، فنحن في منطقة لا تحيط بها المكسيك وكندا والمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، بل لدينا تنظيم داعش والقاعدة وحماس وحزب الله والنظام الإيراني، وحتى قراصنة. لدينا قراصنة يخطفون السفن. لذا فأي شيء قد يمس الأمن القومي لا يمكننا المخاطرة به".

ولي العهد السعودي يلتقي «وارنر براذرز»

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في لوس أنجلس أمس، رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لشركة "وارنر براذرز" الأميركية للترفيه كيفن تسوغيهارا، وكبار مسؤولي عدد من الشركات التابعة للمجموعة.

ووفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، فقد جرى خلال اللقاء تبادل الأحاديث حول فرص الشراكة الواعدة في المجالات الإعلامية والترفيهية والثقافية، إلى جانب بحث فرص التدريب للشباب السعوديين.

كما التقى الأمير محمد بن سلمان الرئيس التنفيذي لشركة "ماجيك ليب"، روني ابوفيتز.