واجه مشروع قانون مستعجل، تقدم به نواب إصلاحيون ومعتدلون في مجلس الشورى الإيراني، لمصادرة وإعادة أموال المسؤولين الإيرانيين ممن يثبت أنهم تربحوها بشكل غير قانوني، معارضة شديدة من قبل «الحرس الثوري» ومكتب المرشد الأعلى علي خامنئي.

وأكد عدد من نواب المجلس، لـ«الجريدة»، أنهم تعرضوا لضغوط خلال الأسبوعين الماضيين لتغيير مشروع القانون.

Ad

وفي حين نص مشروع القانون المقترح على التحقق من مصادر أموال وممتلكات ومكتسبات جميع المسؤولين الحكوميين وعائلاتهم دون استثناء، ومصادرة كل الأموال والثروات التي يثبت أنها اكتسبت بشكل غير قانوني أو مشبوه، فإن الأصوليين في المجلس أصروا على أن القانون يجب أن يستثني أعضاء مكتب المرشد وقادة «الحرس الثوري» والجيش والقوات المسلحة، لأنهم لا يحسبون على الحكومة، ويخضعون لمراقبة أجهزة داخلية تتبع مؤسساتهم.

وبعد فضح قضية اتهام حميد بقائي، المساعد التنفيذي للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، بتبديد أموال حصل عليها من «الحرس الثوري» دون سند، انضم أنصار الرئيس الشعبوي إلى حملة مؤيدة للقانون المقترح، ودعوا إلى إقرار تشريع للإشراف على إنفاق قادة الحرس ملايين الدولارات واليوروات بشكل نقدي وبدون أي رقابة أو محاسبة، ورفع الحصانة عن جميع المسؤولين الحكوميين.

واتهم نواب من أنصار الرئيس حسن روحاني مؤسسات مالية واقتصادية، تابعة للأصوليين والأجهزة الأمنية و«الحرس الثوري»، بتدخلها في الأسواق المالية وشرائها مليارات الدولارات وإخراجها من البلاد، نحو 30 مليار دولار، خلال مارس المنصرم، الأمر الذي أدى إلى إثارة فوضى وذعر في الأسواق المالية، وأدى بدوره إلى تهافت عامة الشعب على شراء العملة الصعبة والذهب وتخزينها في منازلهم، بما يزيد على 20 مليار دولار.

وطالب أنصار روحاني في المجلس بسن قانون جديد يفسح المجال أمام المصرف المركزي والسلطة القضائية لتتبع حسابات جميع المسؤولين في البلاد وأقربائهم ومداخيلهم المالية ومن ثم مصادرة أي أموال مجهولة المصدر.

وتقيد القوانين الحالية صلاحيات الحكومة الإيرانية بالتفتيش في حسابات الأشخاص دون الحصول على إذن قضائي، لكن مشروع القانون المقترح يطلق يد السلطة التنفيذية ويعطيها حق مراقبة وتجميد وتتبع الحسابات المصرفية خاصة المشبوهة قبل إحالتها إلى الجهات القضائية لمصادرتها.

واعتبر الأصوليون أن القانون المقترح يتيح للحكومة انتهاك «خصوصيات الأفراد وأسر المسؤولين»، فضلا عن إمكانية استغلاله لتصفية حساباتها مع معارضيها.

وجاء الخلاف بشأن مشروع القانون، الذي أطلق عليه «استرداد الأموال المشبوهة»، في وقت تحول موضوع إغلاق شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة «التلغرام» إلى أحد أهم مواضيع النقاش والخلاف بين الاتجاهين الإصلاحي والأصولي في إيران، بعد أن اتخذ رئيس الجمهورية، المحسوب على التيار المعتدل، موقفا وسطيا من قضية حجب التطبيقات والشبكات الأجنبية. ورأى روحاني أنه لا يمكن تنفيذ الحجب الكلي بشكل مفاجئ، ويجب تهيئة أرضية لتطبيق الحظر، معتبرا أن التطبيق المفاجئ سيشكل خطأ.

وقال روحاني، في لقاء مع وزراء ومديرين ومسؤولين حكوميين، بعد انتهاء «عطلة النوروز»، إن بدائل شبكات التواصل الاجتماعي الأجنبية ليست متوفرة حاليا، ولا يمكن إغلاق شبكات التواصل بشكل مفاجئ، بل يجب أن يتم تفعيل برامج بديلة محلية قوية تستطيع جذب الجمهور الإيراني تلقائيا، لكسر احتكار شبكات التواصل الأجنبية.