راجح داود: فنانون كثيرون يخشون التجديد في موسيقاهم
لحّن النشيد الوطني الجديد لموريتانيا
كرِّم الموسيقار راجح داود في عاصمة موريتانيا قبل أسابيع على دوره في وضع النشيد الوطني الجديد وتلحينه.
في دردشته مع «الجريدة» يتحدث راجح عن سبب اختياره ورؤيته للموسيقى التصويرية، وغيرها من أمور تتعلّق بالفن.
في دردشته مع «الجريدة» يتحدث راجح عن سبب اختياره ورؤيته للموسيقى التصويرية، وغيرها من أمور تتعلّق بالفن.
حدثنا عن اختيارك لوضع النشيد الوطني لدولة موريتانيا.رشّحتني وزارة الثقافة المصرية التي تواصلت معي بعد تواصل من الجانب الموريتاني للاستعانة بمؤلف موسيقي مصري من أجل وضع السلام الجمهوري والنشيد الوطني للدولة. بدأت العمل على المشروع بالتنسيق مع دار الأوبرا المصرية التي كانت تترأسها آنذاك وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم، والتي وفّرت الإمكانات والتسهيلات لاستخدام أوركسترا القاهرة السيمفونية لتقديم النشيد الوطني وتسجيله وإرساله.
ما هي المدة التي استغرقتها في تلحين النشيد الوطني الموريتاني؟استغرقت نحو شهرين من بداية التواصل حول المشروع، وسافرت لتدريب الفرق الموسيقية هناك بعد اعتماد النشيد نهائياً. والحقيقة أنني وجدت حفاوة في الاستقبال تعبِّر عن حب هذا الشعب لمصر والفن المصري.هل تناقشت معهم في أسباب اختيارهم النشيد الذي قدمته؟عرفت لاحقاً بأمر التواصل مع وزارتي الخارجية والثقافة في مصر ومع نظراء في دول آخرى، ولم أكن أنا الموسيقار الوحيد الذي طلبوا منه هذا المشروع. لكن بعدما انتهى المشاركون وكان عددهم خمسة، حسبما علمت لاحقاً، وقع الاختيار على النشيد الذي قدمته واعتمدوه رسمياً بعدما أبدوا إعجابهم به.صرحت بأنك لم تكن تعلم بأن موريتانيا دولة عربية، ما أثار جدلاً واسعاً؟لم أكن أعرف فعلاً، ولم أقصد بذلك الإساءة إلى دولة موريتانيا الشقيقة. في ذلك نقص معلومات مني، ربما لأنني لم أزرها أو لم أجد مشاركة من فنانيها في أي من المناسبات الفنية التي أحضرها. وعندما صرحت بأنني لم أكن أعرف أنها دولة عربية كان قصدي الوحيد تأكيد شعوري بالسعادة بتقديرهم لي.كرّمتك وزيرة الثقافة الموريتانية. أخبرنا عن هذه التجربة.فعلاً، ومُنحت وسام «فارس»، وهو أرفع وسام في موريتانيا وصدر قرار حصولي عليه من رئيس الدولة. كنت سعيداً بالحفاوة التي حصلت عليها خلال التكريم وتسلمت الأخير في احتفالية كبيرة شارك فيها السفير المصري والسفراء العرب والأفارقة، بالإضافة إلى عدد كبير من المسؤولين هناك.ربما هذه هي المرة الأولى منذ فترة طويلة التي يقدم فيها موسيقار مصري النشيد الوطني لإحدى الدول الأفريقية؟ هي المرة الأولى منذ فترة طويلة، لكن ثمة اسهامات سابقة قام بها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب والفنان محمد فوزي، فمصر من أولى الدول الأفريقية والعربية رعاية للفن والفنانين. والحقيقة أنه بغض النظر عن اختياري شخصياً لوضع النشيد الوطني في موريتانيا، فإن اختيارهم لمصري من بين مرشحين من دول آخرى يؤكد قدرتنا على العطاء والإبداع رغم ما نمر به من مشكلات فنية.
أزمات
بمناسبة الحديث عن المشكلات التي تواجه الفن، كيف تراها في الموسيقى؟مشكلة الموسيقى في مصر أن القطاع الخاص أصبح المتحكم الوحيد بها في ظل تراجع دور الدولة باستثناءات محدودة. فالموسيقى من أنواع الفنون التي لا يجب التعامل معها باعتبارها مشروعاً تجارياً هدفه الربح، ولا بد من توافر سياسة لدعم الفن والموسيقى والتنسيق بين المؤسسات التي تقوم بهذا الدور، لأن القطاع الخاص يكتفي بأن يقدِّم ما يعتقد أنه سيدر عليه ربحاً.هل تقصد الموسيقى التي تشهدها المهرجانات؟أعتبرها موسيقى ترفيهية وليست فناً، والحقيقة أن الباحثين عنها في وجهة نظري أشخاص يرغبون في الخروج من ضغوطات الحياة، ويريدون الفرح ولا يجدون متنفساً إلا في هذا النوع من الموسيقى التي يجب أن نقدم بديلاً لها قبل أن ننتقدها ونرفضها.برأيك لماذا يوجه كثيرون اتهامات إلى الموسيقيين بعدم التجديد في أعمالهم؟التجديد في الموسيقى مرتبط برغبة حقيقية من الفنانين، وليس من صانعي الموسيقى فحسب. اليوم، لدى معظم المطربين خوف من التجديد ويرغبون في البقاء بالثيمة نفسها التي نجحوا من خلالها في أغانيهم السابقة. صحيح أنني أتفهم الخوف من الاخفاق، لكن في الوقت نفسه لا يعني ذلك الجمود عند النقطة ذاتها، لأننا بذلك سنصل إلى مرحلة الإفلاس بسرعة، فضلاً عن أن التجديد والإخفاق في أحد الأعمال ليس عيباً، بل على العكس سيحمل استفادة على المستوى الفني.الموسيقى التصويرية في الدراما والسينما
هل تراجع الاهتمام بالموسيقى التصويرية في الدراما والسينما؟ يقول راجح داود في هذا المجال: «الموسيقى التصويرية أحد الأمور الأساسية التي يقوم عليها العمل الفني، وتراجع مستواها في الدراما بسبب تراجع المسلسلات نفسها».يتابع: «والموسيقى التصويرية في السينما تختلف بشكل كامل عنها في التلفزيون، إذ تحتمل الشاشة الكبيرة تفاصيل أكثر وأعمق. وعموماً، يجب أن يدرك صانعو العمل أهميتها وقيمة تأثيرها كي تظهر بشكل جيد، وهو ما ليس متوافراً في الأعمال الأخيرة كافة».
مشكلة الموسيقى في مصر تحكّم القطاع الخاص بها