الأغلبية الصامتة: طبال جديد
الديوان الوطني لحقوق الإنسان سيواجه تحديات متشابكة مع مصيره ومساره، أولها الاستقلالية عن القرار الحكومي، وثانيها الهزال التشريعي الذي يجعل كل قانون خلال هذه الفترة الحالية عرضة للإلغاء، وثالثها بيئة التعيينات التي ستجعله مجرد مؤسسة حكومية يعمل فيها موظفون ليس لديهم بالضرورة أي علاقة أو انسجام مع المكان.
من المفترض أن يكون إنشاء الديوان الوطني لحقوق الإنسان حدثا سعيدا كونه يصب في مصلحة تعزيز المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان، وإنصاف البشر بغض النظر عن اختلافاتهم، ولكن الواقع، وهذا هو الأهم، يقول غير ذلك، حيث يواجه الديوان عدة تحديات متشابكة مع مصيره ومساره.أول التحديات التي تواجه الديوان الوطني لحقوق الإنسان هي الاستقلالية عن القرار الحكومي، وهذه وفق المعطيات السابقة والحالية، عقدة حقيقية ملخصها العقلية الحكومية التي لا يمكنها تقبل فكرة وجود أشياء تتحرك من تلقاء نفسها، والتصادمات التي وقعت بسبب فضاء الصلاحيات بين بعض الوزراء وبعض مجالس الإدارات الحكومية خير دليل على ذلك، وإن الاستقلالية هي جوهر هذا النوع من المؤسسات، ومن دونها لا يمكن إقناع المجتمع الدولي بما نصدقه نحن من أكاذيب مكشوفة.
التحدي الثاني، وهو أمر مخجل لأنه مكرر ومرشح للتكرار، هو الهزال التشريعي الذي يجعل كل قانون خلال هذه الفترة الحالية عرضة للإلغاء، سواء من المحكمة الدستورية أو من التطبيق العملي الذي يكشف فداحة الخفة و"السلق" في عملية سن تشريعات تصنع لإسكات المنظمات الدولية، أو التمثيل على الناخبين بأن المجلس يعمل لمصلحتهم.التحدي الثالث، وهو أمر سيفتضح أمره قريبا، هو بيئة التعيينات التي ستجعل الديوان الوطني لحقوق الإنسان مجرد مؤسسة حكومية يعمل فيها موظفون ليس لديهم بالضرورة أي علاقة أو انسجام مع المكان الذي يعملون فيه، وهنا يجب القول إن ديوان حقوق الإنسان مطمع لبعض التيارات التي تستخدم القشرة الإنسانية كغطاء لفكرها النقيض لمبادئ حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.ختاما إذا لم تكن هناك قناعة من الدولة بوجود جهة رسمية معنية بشكل حقيقي بالدفاع عن حقوق الإنسان فلا حاجة لوجودها؛ لأنه من غير المقبول أن يصمت جهاز بهذه الأهمية عن ملفات ثقيلة مثل ملف البدون ومساواة المرأة الكويتية أو يعمل كـــ"طبال" للسياسات الخاطئة و"مرتوت" لأخبارها.