تقرير اقتصادي : جودة السيولة ثم حجمها... التحدي المقبل لبورصة الكويت

• المطلوب بعد نجاح تقسيم السوق تركيز هيئتي الاستثمار والأسواق والشركة على تنميتها شكلاً ومضموناً
• 78.3% تعاملات السوق الأول من إجمالي التداول خلال 4 أيام بعد «التقسيم»

نشر في 05-04-2018
آخر تحديث 05-04-2018 | 00:12
محمد البغلي
محمد البغلي
شهدت بورصة الكويت خلال الأحد عشر شهراً الماضية عدداً من الأحداث الاستثنائية، تمثلت في انطلاق خطة تطوير السوق - المرحلة الأولى، في مايو 2017، وصولاً الى المرحلة الثانية مطلع أبريل الجاري، وبينهما إعلان مؤسسة فوتسي راسل عن ترقية البورصة إلى مؤشر الأسواق الناشئة الثانوية، ثم إصدار قائمة الاسهم المرشحة للإدارج على مؤشرها خلال شهر سبتمبر المقبل.

ومما لا شك فيه أن شكل بورصة الكويت ومضمونها قد تغيّرا كثيراً، في الفترة الماضية، من خلال التحديثات المتعددة التي طبقت في السوق، غير أن كل هذه التحديثات لم تفلح في تحفيز مستويات السيولة، إذ تشير بيانات الربع الأول الماضي مثلاً إلى أن المعدل اليومي لقيمة الاسهم المتداولة بلغ 12.4 مليون دينار، وهو معدل تداول متدنٍّ جداً، مقارنة بالقيمة السوقية للبورصة التي تتجاوز 27.4 مليار دينار.

ضعف وجودة

ومع أن السيولة في البورصة كانت ضعيفة جداً من حيث القيمة، إلا أنها في المقابل كانت متوسطة نسبيا من حيث النوع، إذ تشير بيانات التداول للأرباع الثلاثة اللاحقة لانطلاق عمليات تطوير البورصة إلى أن نسبة تركز تعاملات أسهم مؤشر كويت 15، الذي كان يجمع افضل الشركات من حيث الوزن والنشاط، مقارنة ببقية الاسهم المدرجة في الربع الثالث من 2017، تمثل 48.8 في المئة من تعاملات السوق, ارتفعت إلى 63.6 في المئة في الربع الاخير من العام الماضي، قبل أن تنخفض الى 55.5 في المئة من التعاملات في الربع الاول من العام الجاري، وهذه نسب تشير الى أن الأموال المتداولة في البورصة، على قلّتها، تتوجه بدرجة مقبولة أو حتى جيدة الى الاسهم القيادية في السوق، فضلا عن أن تعاملات الأيام الـ 4 الماضية بعد تقسيم السوق تشير إلى ان نسبة تعاملات السوق الاول بلغت 78.3 في المئة، مقارنة بتداولات البورصة البالغة 44.7 مليون دينار.

3 جهات

لذلك، فإن مسؤولية معالجة السيولة في البورصة تتعدد بين 3 جهات هي الهيئة العامة للاستثمار وشركة بورصة الكويت وهيئة أسواق المال، فإنْ تضافرت جهودها فسيكون نمو التداول أمراً طبيعيا لعملياتها، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود تحديات خارجة عن نطاق التحكم الفني كالأوضاع الجيوسياسية في المنطقة.

المحفظة الوطنية

فالمقصود بدور الهيئة العامة للاستثمار، تحديداً، هي المحفظة الوطنية التي يديرها عدد من شركات الاستثمار برأسمال يبلغ 1.5 مليار دينار، والتي لم تحقق اكثر من 3.8 في المئة، خلال 8 سنوات عمل، كعائد إجمالي، حتى شكا أكبر مدراء المحفظة، وهي الشركة الكويتية للاستثمار، من أنها "تتحمل كل مشاكل السوق، رغم انها لعبت كل الأدوار الممكنة لمساعدته عن طريق محافظها وصناديقها العديدة"، وهو اعتراف يخالف الاغراض الاساسية التي تأسست المحفظة من أجلها، فضلا عن انه يشير أيضا الى ضعف جودة ادارة المحفظة، مما يستوجب اعادة هيكلة استثمار المحفظة الوطنية وتنويع شركاتها المديرة وفقا للأداء والعوائد، لئلا تعتقد شركة بعينها أن ادارة اموال المحفظة في البورصة حق مطلق لها، وإن خالفت الاغراض او تراجعت العوائد.

شركة البورصة

أكثر الأدوار أهمية يرتبط بشركة بورصة الكويت، التي كلما ارتفعت السيولة في السوق انعكس ذلك إيجابيا عليها، نظير العمولات التي تتقاضاها من عمليات التداول، وبالتالي فإن تسويق البورصة وشركاتها وجذب المستثمرين يتطلب القيام بجهود كبيرة لا تقتصر فقط على مكونات السوق الاول، بل تمتد الى اسهم النمو في السوق الرئيسي، الذي يضم على سبيل المثال جميع شركات التأمين المدرجة، وهو قطاع تشغيلي معظم شركاته تحقق أرباحا وتوزع عوائد ممتازة لا تقل عن أرباح توزيعات القطاع المصرفي أو الخدمي، ومع ذلك فتداولات أسهمه في البورصة تكاد تكون معدومة، الى جانب تقديم منتجات جاذبة للمحافظ والصناديق النشطة، كتقديم إعفاءات او خصومات للعمولات، اذا زاد تداولها خلال شهر أو فصل عن مستوى مالي معين، إضافة إلى العمل على جذب شركات تشغيلية او صناديق محلية او خليجية للإدارج في البورصة تقدم خيارات اوسع وافضل للمستثمرين من بعض الشركات الهزيلة التي لا تزال مدرجة في البورصة، والأهم من ذلك كله التركيز على تحفيز شريحة من اموال القطاع الخاص المجمدة في الودائع للعودة الى البورصة، والتي ارتفعت قيمتها من 16.5 مليار دينار مع بدء الأزمة المالية العالمية في عام 2008 إلى 35 مليار دينار، حسب بيانات بنك الكويت المركزي في يناير الماضي.

هيئة الأسواق

أما هيئة أسواق المال فإن ارتباطها بالسيولة غير مباشر، إلا أن دورها الذي يكمن في الشق التنظيمي يمكن أن يكون داعما اساسيا لجذب السيولة، إن ركزت على ترقية بورصة الكويت في مؤشرات عالمية جديدة، مثل مورغان ستانلي MSCI، أو رفع مستوى البورصة في مؤشر فوتسي لمستويات أعلى من الناشئة الثانوية، فضلا عن إعادة طرح اسواق تمويل شراء الاسهم مثل الاجل او "المارجن"، وفق ضوابط وعقود تتجاوز سلبيات التجارب السابقة، إضافة إلى تشجيع مختلف الشركات على عقد مؤتمرات الشفافية والتوقعات المستقبلية للأداء، وحث شركات الاستثمار على اصدار التحليلات والبيانات عن السوق ومراقبتها، لمنع وجود تضارب مصالح يؤثر على قرارات المستثمرين، والأهم هو تشجيع التداول المؤسسي لا الفردي، عبر الترخيص لمنتجات متخصصة لقطاعات التأمين والخدمات والمصارف، وأخرى، وفقاً للأحجام ورؤوس الاموال، مع التأكيد على اهمية الاستمرار في "تنظيف السوق" من المتلاعبين أفرادا وشركات، مما يتطلب دعم جهود الهيئة في معاقبتهم وعدم التراخي في رصد مخالفاتهم، واتخاذ الاجراءات العقابية المستحقة، بل والمشددة، ضدهم، بما يعزز الثقة في وجود جهة رقابية وتنظيمية قادرة على تطبيق القانون بشكل سليم. فأي دعوة للتراخي ستعيد الفوضى للسوق لما قبل تأسيس الهيئة، وستدعم التلاعبات، ولن تجذب السيولة لا المحلية ولا الاجنبية بالطبع.

أفضل وعاء

البورصة هي أفضل وعاء للادخار والاستثمار والتمويل يمكن التعامل معه في اقتصاد محدود ببلد كالكويت، وبالتالي فإن التحدي القادم بعد نجاح تطوير السوق في مرحلتيه الاولى والثانية والاستعداد للمرحلة الثالثة هو العمل على الاجراءات الكفيلة بجذب السيولة الى السوق وجودة توجهها الى قطاعات الاسهم ذات التشغيل والارباح والنمو المستقبلي.

على هيئة الأسواق مواصلة «الترقيات» وتقييم أدوات تمويل الأسهم وتشجيع التداول المؤسسي ومعاقبة المخالفين

مطلوب إعادة تقييم المحفظة الوطنية بعد فشلها في تحقيق أهدافها منذ نحو 8 سنوات

على شركة البورصة تسويق الشركات الجيدة وجذب الإدراجات وتحفيز الأموال المجمدة في الودائع
back to top