أمدّ التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً قواته المتوغلة في معقل المتمردين الحوثيين بصعدة شمال اليمن، بتعزيزات عسكرية تضم مقاتلين سعوديين وسودانيين.وقال مسؤولون عسكريون يمنيون، أمس، إن التحالف دفع بمئات الجنود السعوديين والسودانيين خلال اليوميين الماضيين إلى جبهات القتال في صعدة، بهدف تصعيد المعارك فيها، مع اقتراب قوات الرئيس عبدربه منصور هادي من مركز جبال مران التي تضم ضريح الزعيم السابق لجماعة «أنصار الله» المدعومة من إيران.
وتتمركز قوات التحالف عند أطراف أربع مديريات في صعدة، وقد تقدمت خلال الأسابيع الماضية عدة كيلومترات نحو مراكز المديريات الأربع، تحت غطاء جوي من طائرات التحالف، وفقا للمسؤولين العسكريين.
استهداف واعتراض
وجاء الإعلان عن إرسال التعزيزات، التي تضيق الخناق على الحوثيين في معقلهم الرئيسي، بهدف توجيه ضربة لما يصفه التحالف بمشروع إيران لإنشاء ميليشيا طائفية، على غرار ما حدث في دول عربية، غداة اعتراض الدفاعات الجوية السعودية صاروخاً بالستيا جديدا أطلق من صعدة باتجاه خزانات لشركة «ارامكو» النفطية في جازان جنوب المملكة.وذكرت «أرامكو»، عملاقة النفط السعودي، أن مرافقها في جازان «آمنة وتعمل بشكل طبيعي»، بعدما انتشر على الانترنت مقطع فيديو لحريق قال ناشروه إنه صور قرب خزانات تابعة للشركة.وقال المتحدث الرسمي لقوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي إن قوات الدفاع الجوي السعودية رصدت عملية إطلاق الصاروخ من صعدة.ويمثل الصاروخ ثاني هجوم يستهدف قطاع النفط السعودي، بعد مهاجمة المتمردين ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر قبالة ميناء الحديدة في عملية أسفرت عن «أضرار طفيفة».في السياق، دمرت مقاتلات التحالف، أمس، صاروخا كانت ميليشيات الحوثي تستعد لإطلاقه من قاعدة الديلمي العسكرية شمالي العاصمة صنعاء.ولا تزال العاصمة اليمنية بين المناطق القليلة المتبقية في قبضة الحوثيين، منذ انقلابهم على السلطة في سبتمبر 2014.مطالبة وإدانة
في هذه الأثناء، بعث الوفد الدائم للسعودية لدى الأمم المتحدة رسالة إلى أمينها العام، أنطونيو غوتيريس، ورئيس مجلس الأمن، بشأن الهجوم الحوثي ضد ناقلة النفط السعودية.ودعت السعودية مجلس الأمن في الرسالة إلى محاسبة الحوثيين وإيران على خرقهما القانون الدولي، مشددة على ضرورة وضع ميناء الحديدة تحت الإشراف الدولي.كما طالبت مجلس الأمن باتخاذ ما يلزم لتطبيق قراريه 2216 و2231 بشأن اليمن، مؤكدة أن التحالف سيستمر في تأمين الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الأحمر.في موازاة ذلك، دعا وزير الإغاثة بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، عبدالرقيب فتح إلى إخضاع ميناء الحديدة لإدارة مراقبين دوليين وطالب المجتمع الدولي بالضغط على المتمردين لتسليم كل الموانئ والمطارات للحكومة اليمنية.ودان الوزير استهداف هجوم المتمردين على نقالة النفط. وأشار إلى أن تواجد الميليشيات المسلحة الحوثية في ميناء الحديدة يجعل منه «ميناء عسكرياً وليس إغاثياً»، حيث تستخدمه لتهديد الملاحة الدولية والأمن والجوار الإقليمي والدولي.وأوضح أن بقاء الميناء تحت سيطرة الميليشيات يهدد أكثر من 30 بالمئة من التجارة الدولية التي تمر في المياه الدولية.إرجاء أممي
في غضون ذلك، أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث، تأجيل زيارته إلى مدينتي عدن والمكلا الخاضعتين لحكومة هادي أمس.وقال جريفيث، إنه «تم تأجيل زيارته إلى مدينتي عدن والمكلا لدواع أمنية ولوجستية». وأوضح أنه ما زال يخطّط لعقد مناقشات في عدن والمكلا، ويتم حالياً العمل على إعادة جدولة الزيارة للأسابيع المقبلة، سعياً لاستئناف العملية السياسية في اليمن.وكان من المقرر أن يزور جريفيث عدن والمكلا خلال الأسبوع الجاري.يذكر أن المبعوث الأممي غادر صنعاء نهاية شهر مارس الماضي بعد أن عقد عدة لقاءات مع قيادات ومسؤولين في «أنصار الله»، وفي الحكومة المشكلة من الجماعة وحلفائها، بالإضافة إلى لقائه مسؤولين في حزب «المؤتمر الشعبي»، الذي كان يتزعمه الرئيس السابق الراحل علي صالح.وقال المبعوث الأممي، عقب تلك الزيارة، إن أطراف الصراع في البلاد، أبدت رغبة شديدة في الوصول إلى حل للأزمة والانخراط في الحوار.ابتزاز إيراني
من جهتها، لم تستبعد الباحثة اليمنية بالمؤسسة العربية للأبحاث بواشنطن فاطمة الأسرار موافقة الحوثيين على وقف الحرب مقابل تسوية سياسية، لكنها استبعدت موافقة طهران، ومع ذلك دعت للتجاوب مع مقترحات حوثية وإيرانية للتسوية تحدث عنها الناطق الرسمي باسم «أنصار الله» محمد عبدالسلام خلال زيارة قام بها أخيراً إلى سلطنة عمان.وأكدت الباحثة أن الحوثيين عانوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية نكسات سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة، أضعفت مجمل وضعهم، الأمر الذي جعلها تتوقع أن يسعى الحوثيون إلى تسوية سياسية. وتساءلت عما إذا كانت إيران ستسمح لهم بالتفاوض بنية حسنة.وقالت إن استمرار الحرب في اليمن «لا يكلف إيران إلا القليل، بينما يمنحها وكيلا مؤتمنا وقادراً، نجح في الاستيلاء على عاصمة عربية أخرى، ووفر لها الوسيلة لضرب الرياض وأبوظبي مباشرة، بالإضافة إلى إجبار السعودية والإمارات على تحويل المال والقوى البشرية والموارد الأخرى لحماية أراضيهما من الهجمات الحوثية».ولذلك استبعدت الباحثة موافقة إيران على التسوية السياسية باليمن قبل أن تلجأ للابتزاز للحصول على مكاسب دبلوماسية كبيرة في مناطق أخرى تشهد صراعات مثل سورية والعراق، أو في «الاتفاق النووي» المهدد بالانهيار، مع قرب انتهاء مهلة الولايات المتحدة لتشديده أو الانسحاب منه بحلول منتصف مايو المقبل.