انتخابات عراقية بلا «اجتثاث البعث» والحكيم ينازل العبادي خشية النتائج

نشر في 08-04-2018
آخر تحديث 08-04-2018 | 00:06
رئيس الحكومة حيدر العبادي
رئيس الحكومة حيدر العبادي
صعوبات كثيرة لا تزال تكتنف عملية الإعداد للاقتراع النيابي في العراق منتصف مايو المقبل، لكنها لا تشغل المراقبين عن ملاحظة التطورات العميقة التي تحيط بهذه الانتخابات، والتي تجعلها مختلفة كثيراً عن سابقاتها.

وقد كان آخر الميزات ما ذكره بيان رسمي بشأن أعداد الذين حرموا الترشح لصلتهم بحزب البعث المنحل، إذ لم يتجاوزوا في الحصيلة النهائية مئة شخص، ليست بينهم أسماء بارزة، في حين كانت المعركة الرئيسة في أربعة انتخابات نيابية سابقة تدور حول محاولات شيعية لاجتثاث مئات من مرشحي السنة والعلمانيين الشيعة بتهمة التعامل مع «البعث»، وهي عادة ما تكون مبالغات مسيسة تشعل انقساماً طائفياً وسياسياً يستمر أسابيع.

ولهذا السبب وأسباب أخرى، تراجعت حدة المناوشات بين المتنافسين السنة والشيعة هذه المرة بشكل غير مألوف، وسط مناخ تصالح وتطبيع وحرص على التهدئة يدعمه تقارب عراقي مع الجيران العرب، ومحاولات رئيس الحكومة حيدر العبادي، وداعميه في النجف، إجراء مراجعة للسياسات التي مهدت لظهور العنف والتمرد المسلح، وخصوصاً في المناطق السنية.

غير أن الصراع الانتخابي الرئيسي هذه المرة يدور داخل مناطق المتنافسين الشيعة، إذ يبدو واضحاً من تحول المواقف والخطابات أن الأمر لم يعد يستجيب للتقسيم التقليدي الذي سارت عليه السياسة البغدادية منذ وصول العبادي إلى السلطة عام 2014، إذ اعتاد المحللون تقسيم السياسة العراقية إلى جناح إصلاحي معتدل يتقدمه العبادي، وآخر متشدد مقرب من إيران يتزعمه نوري المالكي وبعض الميليشيات، أما اليوم فهناك مواقف تمر بانعطافة شديدة بسبب شعور عام بأن العبادي يحظى بفرص كبيرة لاكتساح البرلمان المقبل بنحو يمكنه من إنشاء تحالف حكومي ليس بالعسير، مستنداً الى إصلاحات وإنجازات حققها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وسط ويلات الحرب مع «داعش» وفاتورتها الثقيلة.

وأبرز هذه الانعطافات لغة الاتهام المتبادلة بين حلفاء العبادي وحزب تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، رجل الدين الشاب الموصوف بأنه الأكثر اعتدالاً على طول الخط، والذي تقدم خطوات داخل المعسكر الشيعي، في محاولة تصحيح العلاقات مع طهران، أو إخضاعها لبعض التوازن، وكان يفترض أن يكون جزءاً من تحالف العبادي الانتخابي لولا أنه خرج في آخر لحظة، مبرراً ذلك بأسباب فنية، وأنه سيعود للتحالف مع الأخير في البرلمان.

ولكن مع قرب انطلاق الحملات الانتخابية رسمياً بعد أيام، يكرس الإعلام الرسمي لحزب الحكيم جهده للتشكيك في نزاهة الانتخابات المقبلة، ووضع سياسات العبادي الحكومية تحت المجهر، ومحاولة التقليل من شأنها، في خطوة لم يعتدها تيار الحكيم في السابق، في حين يحاول المراقبون تفسير ذلك بتبني الحكيم شريحة من الساسة الشباب تحت مسمى «الإزاحة الجيلية»، على أمل ظهور جيل مختلف يعتمد مشاريع الإصلاح تجاوزاً لما أخفق فيه الحرس القديم طوال 15 عاماً، بعد سقوط نظام صدام حسين، لكن حماسة الشباب واندفاعهم يفعلان فعلتهما ويؤثران على السياسة الإعلامية لتيار الحكمة، حسبما توضح بعض المصادر، التي تشير إلى مخاوف كبيرة لدى تيار الحكيم من تراجع حجمه في البرلمان المقبل مقابل حظوظ العبادي المتصاعدة.

وعلى الجانب الآخر، تنشط الجيوش الإلكترونية الحليفة للعبادي في النيل من الحكيم، رغم أنه حليف مفترض، ومن المؤكد أن وجوده إلى جانب رئيس الحكومة مع تيار مقتدى الصدر، الذي تحالف مع العلمانيين هذه المرة، سيكون شرطاً واضحاً في خلق التوازن بمواجهة تيار الميليشيات الحليف لرئيس الحكومة السابق نوري المالكي.

back to top