أثار تجاهل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الحكام الإنكليز للمشاركة في مونديال روسيا 2018 موجة غضب في إنكلترا، حيث يعد هذا الغياب الأول منذ عام 1938، ولعله يعود الى العديد من الاسباب الرياضية والادارية على حد سواء.

وكان الاتحاد أعلن في نهاية الشهر الماضي قائمة تضم أسماء الـ36 حكما، و63 مساعدا الذين سيشاركون في العرس الكروي. وكانت الصدمة الأبرز هي غياب الحكام الإنكليز بشكل قاطع، وكذلك لم يتم اختيار أي حكم من أسكتلندا أو ويلز أو حتى أيرلندا الشمالية.

Ad

ولعل ابتعاد أبرز الحكام الانكليز عن الساحة الاوروبية هو السبب الرئيسي لهذه المشكلة، فبعد اعتزال الحكم الشهير هاورد ويب، تسيد مارك كلاتنبورغ الموقف في انكلترا، حيث أوكلت اليه العديد من المباريات الكبرى في معظم البطولات العالمية والاوروبية، وكان كلاتنبورغ قاد المباراة النهائية لبطولة الأمم الأوروبية عام 2016 بين البرتغال وفرنسا (1-0)، وبعدها تم اختياره من الاتحاد الدولي للمشاركة في مونديال روسيا 2018، الا ان كلاتنبورغ ترك انكلترا في منتصف موسم 2016-2017 ليصبح الرئيس الجديد للجنة الحكام في السعودية خلفا لمواطنه هاورد ويب.

ويبدو أن رحيل كلاتنبورغ الى السعودية أثر بشكل مباشر على قرار عدم استدعائه للمونديال الروسي، وطالب الاتحاد الإنكليزي "فيفا" باستبدال كلاتنبورغ بحكم آخر في الدوري الممتاز، لكن الاتحاد الذي يرأسه جياني إنفانتينو رفض ذلك الطلب.

وشهد مونديال البرازيل 2014 تواجد الحكم الإنكليزي هاوارد ويب، الذي شارك ايضا في مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، وأدار المباراة النهائية بين إسبانيا وهولندا والتي انتهت بفوز الأول باللقب.

وأدار ثلاثة حكام إنكليز آخرون ثلاثة نهائيات لكأس العالم، وهم جورج ريدر في 1950، ووليام لينج (1954)، وجاك تيلور (1974).

وجاء اختيار حكام المونديال بعد متابعة دقيقة لثلاث سنوات، شهدت عقد مجموعة من الحلقات الدراسية التحضيرية، حيث اعتمدت عملية الاختيار على "مهارات كل حكم وشخصيته، إضافة الى مستوى فهمه لكرة القدم، والقدرة على قراءة المباريات والتكتيكات المختلفة التي تستخدمها الفرق".

وكالمعتاد حظيت قارة أوروبا بأكبر عدد من حكام الساحة، حيث بلغ عددهم 10، كما امتلكت القارة العجوز أكبر عدد من الحكام المساعدين في البطولة، حيث وصل عددهم إلى 20.

وكان أكبر تمثيل من نصيب الولايات المتحدة بأربعة حكام ومساعدين، الأمر الذي يدعو الى الاستغراب، حيث لا توجد مقارنة بين تاريخ وعراقة الدوري الانكليزي الممتاز والدوري الاميركي حديث العهد باللعبة.

وتعليقا على عدم اختيار اي حكم انكليزي، قال رئيس لجنة الحكام في الدوري الانكليزي الممتاز مايك ريلي، لشبكة سكاي سبورتس، "إنه أمر محبط حيث كنا نفاخر لسنوات طويلة بحكامنا في البطولة. في الوقت الذي سافر مارك كلاتنبورغ إلى السعودية لم تكن هناك منافسات أخرى لاختيار الحكام، لذلك لم تكن هناك أي فرصة لاستبداله بحكم إنكليزي آخر".

مارتن اتكينسون

ولعل أبرز الحكام الانكليز الموجودين في الساحة حاليا هو مارتن اتكينسون، وغالبا ما توكل اليه مهام ادارة المباريات الكبرى في الدوري الانكليزي الممتاز، وكان آخرها ديربي مانشستر، الذي انتهى بفوز مان يونايتد على مانشستر سيتي بنتيجة 3-2.

إلا أن اتكينسون غالبا ما يتعرض لانتقادات كبيرة بسبب الأخطاء التي يقع فيها، فحتى المباراة الماضية تغاضى اتكينسون عن احتساب ركلة جزاء واضحة لمصلحة سيرجيو اغويرو مهاجم السيتيزن الذي تعرض لعرقلة صريحة من قبل اشلي يونغ لاعب مان يونايتد، الأمر الذي أثار غضب جماهير مان سيتي ومدربه غوارديولا، وأظهرت الإعادة التلفزيونية أن يونغ أثناء سقوطه على الأرض اصطدم بقدم أغويرو بشكل واضح، في لقطة رآها جمهور سيتي تستحق الطرد واحتساب ركلة جزاء.

في الحقيقة، لا تعتبر هذه الحادثة الاولى لاتكينسون من حيث الاخطاء التحكيمية الصريحة، كما ان مشاكله ليست حديثة العهد، فمنذ بداياته وهو يرتكب العديد من الأخطاء التي تلقى ردود افعال غاضبة، ولعل حادثة واين روني مهاجم مانشستر يونايتد السابق واتكينسون من ابرز هذه الحالات، حيث تسببت اخطاء الحكم في اثارة غضب روني خلال مواجهة تشلسي ومان يونايتد عام 2009، ليصرح المهاجم لوسائل الاعلام: "لقد واجهنا 12 رجلا"، مشيرا الى تعاون اتكينسون مع الخصم.

وبدأت الحادثة عندما تملك الغضب أعضاء فريق مانشستر يونايتد إزاء هدف الفوز الذي أحرزه جون تيري، على اساس أن الضربة الحرة المباشرة التي حصل عليها تشلسي لم تكن صحيحة، وأن ديدييه دروغبا ارتكب مخالفة أثناء لعب فرانك لامبارد الكرة، وحصل روني على بطاقة صفراء بسبب احتجاجه على اتكينسون مباشرة بعد الهدف، قبل أن يوجه الاتحاد الانكليزي تحذيرا الى روني بسبب تصريحاته بعد المباراة.

لاشك في أن إنكلترا من بين أعرق دول العالم في مجال كرة القدم، إلا أن التحكيم في إنكلترا والحكام الانكليز عموما لا يحظون بشعبية كبيرة عالميا ومحليا، لذا ليس من المستغرب تجاهل "فيفا" للحكام الانكليز في مونديال روسيا.