هل اختفت التحديات؟
التحديات الداخلية والخارجية ما زالت باقية وتزداد خطورتها التي قد تصل أحياناً إلى تهديد وجودنا ككل دولة ونظاماً وشعباً، في حين أن الحكومة الثابتة لم تفعل شيئاً جدّياً البتة لمواجهتها، أما تصريحاتها وخطبها الإعلامية فهي مجرد كلام إنشائي مُرسل جعلها تفقد ثقة غالبية المواطنين.
مع تواتر معلومات وأخبار عن احتمال نشوب حرب جديدة في المنطقة فإن موضوع تماسك الجبهة الداخلية يفترض أن يحظى بأهمية بالغة لا سيما أن الموقع الجيوسياسي للكويت في غاية الحساسية، ناهيك عن طبيعة التركيبة الاجتماعية لمجتمعنا، فماذا فعلت الحكومة منذ إعلانها قبل سنوات قليلة وجود تحديات خارجية وداخلية دعتها، كما زعمت آنذاك، إلى حلّ المجلس المُطيع والدعوة إلى انتخابات مُبكّرة على النظام الانتخابي السيئ ذاته (عُشر صوت لكل ناخب) الذي لا نظير له في جميع دول العالم الديمقراطي؟ السؤال بصياغة أخرى، ماذا تغيّر منذ ذلك الوقت وبأي اتجاه؟ الجواب هو لا شيء إيجابيا، فالتحديات الخارجية والداخلية تكبر وتتعاظم خطورتها وصعوبتها وتعقيدها وتشابكها، في حين أن المنظومة السياسية التي يستشري فيها الفساد هي ذاتها لم تتغير، والنهج السياسي الذي ينحو نحو الانفراد بالسُلطة وتقييد الحريات هو عينه، والسياسات والقرارات العامة المنحازة وغير العادلة اجتماعياً ما زالت سارية، والمشهد السياسي العام ما زالت تتسيده جماعات الإسلام السياسي المدعومة حكومياً، حيث تم ويتم إقرار قوانين وصياغة أنظمة تسهل عملية انتشارها الجماهيري، وتسمح لها بممارسة العمل السياسي الذي يؤهلها إلى الوصول إلى سلطة رسم السياسات واتخاذ القرارات العامة على الرغم من معاداتها للقيم الديمقراطية، أما تفتيت النسيج الاجتماعي والفرز العنصري والقبلي والطائفي فحدث ولا حرج، فقد وصل تأثيرهما إلى طلبتنا في المدارس وفي الجامعات المحلية والخارجية.
إذاً التحديات الداخلية والخارجية ما زالت باقية وتزداد خطورتها التي قد تصل أحياناً إلى تهديد وجودنا ككل دولة ونظاماً وشعباً، في حين أن الحكومة الثابتة لم تفعل شيئاً جدّياً البتة لمواجهتها، أما تصريحاتها وخطبها الإعلامية فهي مجرد كلام إنشائي مُرسل جعلها، باعتراف رسمي، تفقد ثقة غالبية المواطنين الذين يعتبرون تصريحاتها الإعلامية بلا قيمة فعلية على أرض الواقع، خصوصاً أنها تعمل أحياناً عكس ما تُصرّح به، والأمثلة هنا كثيرة يكفي أن نشير إلى التصريحات الرسمية حول تعديل التركيبة السكانية وتركيبة القوى العاملة، أو معالجة العجز المالي المزعوم، أو حلّ الأزمة الإسكانية التي قيل إنها تأتي في قائمة الأولويات، أو مكافحة الفساد، أو توفير فرص عمل للعمالة الوطنية القادمة إلى سوق العمل بعشرات الألوف سنوياً كي نلاحظ أن ما تفعله الحكومة هو عكس ما تصرح به، وعلى الرغم من توافر الطاقات البشرية المؤهلة، والإمكانات المالية الضخمة التي تُستنزف، مع الأسف، في غير أغراضها الطبيعية؛ فإن الإصلاح السياسي-الديمقراطي ليس ترفاً.