لانعقاد القمة العربية بعد أقل من أسبوع، في مدينة الظهران، معان كثيرة، من بينها التأكيد، عملياً، على أن هذا الخليج عربي، وكذلك هذا البحر، وبالطبع فإن الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، إماراتية، وأنه على إيران إذا كانت تريد فعلاً أن تكون دولة شقيقة وأقرب الدول الإسلامية إلى العرب، أن تعترف بهذه الحقيقة، وأن تضع حداً لتدخلها في شؤون الذين من المفترض أنهم أشقاؤها، وأن مرجعية الجميع هي الإسلام العظيم والتاريخ المشترك وسلمان الفارسي، الذي قال عنه رسولنا الكريم: "سلمان منا آل البيت".ولعل ما لا خلاف عليه إطلاقاً هو أن قمة الظهران المرتقبة، من أهم القمم العربية، مع أهمية القمة التي سبقتها، وهنا بالإمكان تشبيهها بقمة الخرطوم التي عقدت في العاصمة السودانية، الجميلة حقاً، رداً على هزيمة يونيو 1967، والتي كانت قد أطلقت اللاءات الثلاث الشهيرة التي تقدم بها ثلاثة من قادة تلك المرحلة الفلسطينيين، هم أحمد الشقيري، وشفيق الحوت، وسعيد السبع، والتي ثبت أنها لم تكن "واقعية"، ولذلك فإنها أصبحت نسياً منسياً.
كانت مرحلة ما قبل قمة الخرطوم تلك فيها كثير من الشبه بهذه المرحلة التي أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها مريضة، فقد كانت هناك حرب اليمن، والصراع المحوري بين الرئيس جمال عبدالناصر ومحوره العربي، والمحور الآخر الذي يضم العديد من الدول العربية، وكانت هناك الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي، والغربي بقيادة الولايات المتحدة، أي أنه كانت هناك خلافات طاحنة استطاع القادة العرب القفز من فوقها واحتواءها على أساس أن هذه الأمة غدت تواجه مستجداً خطيراً، وأن على قادتها أن يقدموا الرئيسي على الثانوي، والأولوية هي لتحرير الأرض التي احتلها الإسرائيليون قبل أيام قليلة من انعقاد تلك القمة.الآن تواجه العرب كلهم، من دون استثناء، تحديات أخطر من تحديات عام 1967، حيث الأوضاع في سورية مأسوية فعلاً وحقاً وحقيقة، و"الأشقاء" الإيرانيون لم يلتزموا بقيم الأخوة المفترضة، وتدخلوا في شؤوننا العربية كل هذا التدخل المرفوض، والحرب "الحوثية" التي فُرضت على هذه المنطقة فرضاً، والتي كان هدفها، ولايزال، هو إشغال المملكة العربية السعودية عن قضايانا الكثيرة والخطيرة، واستيعابها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في هذه الحرب، وهناك أيضاً الإرهاب الذي يستهدف مصر، والعديد من الإشكالات والمشكلات المفتعلة بين عدد من دول المغرب العربي.إن هذا كله، وهناك ما هو أكثر منه إذا أردنا أن نقلّب صفحات دفاترنا كلها، القديمة والجديدة، يجعلنا نراهن على أن قمة الظهران، بإمكانها أن تستوعب كل خلافاتنا، وتضع حداً للأخطر من "إشكالاتنا"، وكل هذا على أساس أن تكون هناك "لاءات" غير لاءات قمة الخرطوم، فنحن بحاجة، بل في أشد الحاجة إلى أن يكون شعار هذا اللقاء الواعد حقاً "لا للفرقة، ولا لكل هذه التدخلات في شؤوننا الداخلية، ولا لإدارة ظهورنا لقضية فلسطين، ولا لكل هذا الذي يجري في سورية والعراق واليمن ولبنان، ولا للإرهاب الذي لم يسلم من شروره وويلاته ليس معظم بل كل دولنا العربية".
أخر كلام
ما بين الخرطوم والظهران!
11-04-2018