إفلاس دول النفط العربية
أولويات دول المنطقة ليست التنمية والاستعداد للمستقبل، ومشروعاتها المعلنة لا علاقة لها بالتنمية، هي مشروع مقاولات للتنفيع الخاص وإرضاء الدول التي تدفعنا بهذا الاتجاه بقصد إفلاسنا، إلى الآن لا يبدو أن في الخطط المعلنة أي برامج جادة لإعداد المنطقة لما بعد النفط.
ما حدث في الربيع العربي وتداعياته أن المنطقة كلها تتجه للإفلاس، دول تقتتل وتدمر ويشرد أهلها بعد أن أفلست حكوماتها، وسرقت ونهبت أموال شعوبها وممتلكاتها، ودول لم تتأثر بالربيع العربي لكنها أجبرت في بعض الأحيان وتطوعت في أحيان إلى دفع فواتير الحروب والإعمار ومواجهة كل أنواع الابتزاز لتستمر في الدفع حتى تفلس خزائنها، وتبيع كل ما استثمرته خلال ستين عاما أو أكثر، فتضطر للاقتراض برهن مستقبل نفطها.للأسف لم يكن لمخطط تقسيم الدول العربية وتدميرها أن ينجح لولا ضعف حكوماتنا العربية، لقد اشتركت بعض الدول العربية ودول الجوار في هذا المخطط بغباء منقطع النظير، حكومات اشتركت لقطف ثمار التقسيم وحكومات ليس لها حول ولا قوة دفعت فواتير القوى الغازية، والميليشيات التي أعدها الغزاة لإحداث أكبر قدر من البلبلة والفتنة والقتل والتدمير، وكل يدعي أنه يواجه الإرهاب ويمول أطرافا أخرى.حرب اليمن والفتنة بين بعض دول مجلس التعاون ودور البعبع الذي تقوم به إيران ودور الدول الكبرى في نشر الرعب، وابتزاز الدول الخليجية التي رضخ بعضها للابتزاز كل هدفه إفلاس المنطقة وتمزيقها.
أولويات دول المنطقة ليست التنمية والاستعداد للمستقبل، ومشروعاتها المعلنة لا علاقة لها بالتنمية، هي مشروع مقاولات للتنفيع الخاص وإرضاء الدول التي تدفعنا بهذا الاتجاه بقصد إفلاسنا، إلى الآن لا يبدو أن في الخطط المعلنة أي برامج جادة لإعداد المنطقة لما بعد النفط، ولا تمكين الجيل المتعلم والمدرب من فرص حقيقية للإبداع وعمل شيء لبلداننا. تشجيع المؤسسات المالية العالمية لدول المنطقة للاقتراض يحمل السم الزعاف لدولنا، ولو قرأ حكامنا كيف استطاع المستشارون الدوليون إفلاس كثير من الدول ووضعها تحت رحمة وسيطرة الدول الكبرى لربما فكروا ألف مرة قبل التوجه للاقتراض، فخططنا ليس فيها مشروعات تنمية تمكننا من رد الديون وخدمتها وتنويع مصدر الدخل. مشروعاتنا صرف هائل يتوجه لجيوب خاصة دون مردود للبلد أو ناسه، وبالتالي فهي مشروعات للإسراع في عملية الإفلاس.الصرف بهبل على التسلح له مشجعون في الداخل والخارج ومصانع السلاح وموردوه من جانب وتجار السلاح وبعضهم من العائلات الحاكمة من جانب آخر، والدول المكلفة بالتهديد والإخافة كلها تتواطأ من أجل زيادة الصرف على الأسلحة. ولو كان هناك حصر دقيق لمشتريات السلاح خلال العقود الماضية، وكم استخدم منها ونسبة المعدات التي انتهت صلاحيتها دون استعمالها لرأينا مئات المليارات التي هدرت ولا تزال على سلاح لا نحتاجه. وجاءت مآسي العراق وسورية واليمن وليبيا لتتحول دول المنطقة إلى ممولة في كل اتجاه دون تحديد غاية أو توقع نتيجة تستفيد منها هذه الدول أو الشعوب المقهورة، والصرف الذي تصرفه بعض دول الخليج بما فيها إيران على حرب اليمن يعجز العقل عن فهمه وتقشعر الأبدان من هوله على الشعب اليمني الذي تأكله نيران من الداخل ومن الجو ومن البحر، لتقر بعض دول الخليج بما فيها إيران أنها تنفذ بوعي وبدون وعي خطط الآخرين وتحقق مشروعهم في تقسيم الشرق الأوسط وليس لنا أي فائدة من هذا الصرف. كل هذا الصرف والهدر يتم في وقت تزلزلت فيه أسعار النفط ولم يعد دخله للصرف على ميزانيات البلاد المعتادة، فإذا لم تتوقف بعض حكوماتنا لتلتقط أنفاسها، وتفكر في مستقبل بلادها، فإننا سنجد أنفسنا نأكل رمال الصحراء كما قال كسينجر بعد وقفة دول النفط مع مصر في حرب عام 1973.