الجرب السياسي!
نعيش فترة الجرب السياسي الذي بات يهدّد كل شيء في حياتنا، وكما في الجرب الطفيلي الطبي فإن علاج هذا المرض يحتاج إلى تدخل فوري وعلى شكل استنفار، وأولى خطوات هذا التدخل هي عزل الطفيليين، فمن صاحب كريات الدم والضمائر البيضاء يجرؤ على القيام بهذا الدور البطولي؟
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
بالضبط هذه حال البلد، حيث الكثير من الطفيليين الذين يأتون من المجهول ويتسلطون على أهم مرافق ومؤسسات الدولة، ومن يواجههم أو يعترض على قراراتهم وألاعيبهم قد يكون انتحارياً ويتحول إلى ضحية، ومن يسايرهم تنتقل إليه العدوى حتى ينتهي الأمر بمختلف أشكال المرض الإداري والتسيّب من جهة والتجاوزات واستغلال الأموال العامة من جهة، والنتيجة النهائية هي بقاء المؤسسة في أدنى درجات الإنجاز والعطاء ناهيك عن القدرة على التطوير والإبداع.عدوى الجرب السياسي لا تقف عند هذا الحد، فسرعان ما تنتقل أعراض الفساد إلى أجهزة الدولة الأخرى خصوصاً إذا كان الطفيلي ذا نفوذ واسع أو يتمتع بصلاحيات كبيرة، أو حتى من خلال التداخل المباشر بين أجهزة الدولة المختلفة، حيث تقع الطامة الكبرى.ومن يتابع التقارير الدولية حول مؤشرات الفساد والتنافسية العالمية، إضافة إلى تحقيقات الجهات الرقابية المحلية، ومن يرصد الشعور الوطني لمتابعي الشأن العام في مختلف الاختصاصات، فإنه لا يحتاج إلى تأكيد تشخيص مرض الجرب السياسي من خلال تدهور مراكزنا عالمياً في مجمل الخدمات الرئيسة التي كنا نتفاخر بها في العصر الذهبي، وفي المقابل صعودنا الصاروخي في مؤشرات الفساد والمعلومات حول المدفوعات غير المشروعة والرشا وهدر المال العام وفشل خطط التنمية.فعلاً نعيش فترة الجرب الذي بات يهدّد كل شيء في حياتنا، وكما في الجرب الطفيلي الطبي فإن علاج هذا المرض يحتاج إلى تدخل فوري وعلى شكل استنفار، وأولى خطوات هذا التدخل هي عزل الطفيليين، فمن صاحب كريات الدم والضمائر البيضاء يجرؤ على القيام بهذا الدور البطولي؟