ملفات وتحديات أمام السيسي في ولايته الثانية
انتهت الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة بالنتيجة المعروفة قبل أن تبدأ. الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر لأربع سنوات تالية تنتهي عام 2022، نتائج رسمية تقول إن أكثر من أربعة وعشرين مليوناً من المصريين ذهبوا إلى صناديق الانتخاب اختار سبعة وتسعون في المئة منهم السيسي رئيساً. انتهت الانتخابات بكل ما لها وما عليها، والآن بات الأكثر إلحاحا ماذا على أجندة الرئيس في سنواته الأربع المقبلة؟ تبدو التحديات أمامه صعبة ومتداخلة ومرتبطة بعضها ببعض حتى لو كانت شأناً داخلياً أو خارجياً، ويمكن تحديد بعض العناوين الأساسية لهذه الملفات. قد تكون الحرب ضد الإرهاب هي أكثر التحديات حضوراً وصوتاً. استطاعت مصر خلال فترة رئاسة السيسي الأولى أن تحصر بؤرة الإرهاب في سيناء. وحققت، وفقا للمتابعين والمحللين السياسيين، نجاحات عديدة فيما يخص مكافحة الإرهاب. وبالرغم من اعتماد استراتيجيات جديدة، كـ "قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب"، في فبراير 2018، لا تزال مصر تشهد هجمات إرهابية بين فترة وأخرى.
وملف الحرب على الإرهاب، هو أحد الملفات المهمة والعاجلة على طاولة الرئيس في الفترة الثانية، حيث يرى المصريون أن حسم المواجهة، والانتصار على المتطرفين، هو الخطوة الأساسية في طريق الاستقرار ليس الأمني فقط، ولكن الاقتصادي والسياسي أيضا. الدولة في حاجة إلى اعتماد أسلوب علمي متطور لعمل دراسات حول الإرهاب من أجل شن ضربات استباقية، هناك حاجة لوضع نظريات أمنية جديدة للتأمين والتعامل فضلاً عن الاستعانة بأحدث الأجهزة، والعمل على تحسين وعي المواطنين تجاه القضية. بدون تحالف المواطن مع الدولة في حرب الإرهاب فان التحدي سيكون أكثر صعوبة.وتأتي عملية استكمال المشروعات القومية الكبيرة التي ميزت أداء السيسي في فترته الأولى كأحد شواغل المرحلة المقبلة. فقد نجح السيسي في تدشين عدد من المشروعات القومية، بعضها أثار جدلاً حول جدواه والبعض الآخر كان بادي الفائدة، وعلى الرئيس أن يوضح، في بداية فترة رئاسته الثانية، ماذا يريد أن يفعل وما أولوياته، والأهم ما العوائد من هذه المشروعات التي تنفذها الدولة، حتى يعرف المواطن كيف ستؤثر في حياته، وبالتالي ينضم باقتناع إلى صف دعم الدولة ليمكنها من تجاوز الأوضاع الصعبة، وأيضا يتفهم ويقبل الإجراءات الصعبة التي قد يعانيها بسبب الوضع الاقتصادي الصعب ومحاولة معالجة تشوهات الوضع الاقتصادي. لاشك أن مؤشرات الاقتصاد المصري شهدت تحسنا ملحوظا خلال السنوات الأربع الأخيرة، على الرغم من ذلك فإن هذه المعدلات تعد بعيدة عن المستوى المستهدف لدفع عجلة الاقتصاد، وبالتالي تحسين حياة الناس، بل إن هذه المعدلات تعتبر متراجعة إذا ما قورنت بمعدلات مصر قبل أحداث يناير منذ سبع سنوات. وتظل العلاقة متوترة بعض الشيء مع عدد من المنظمات والمؤسسات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، وهو أمر لابد أن يتداركه الرئيس المصري خلال ولايته الثانية، ربما بفتح قنوات اتصال أكثر، أو بتوضيح أكثر لما تسميه تلك المنظمات "انتهاكات بشأن حقوق الإنسان"، والتعامل بإيجابية وفهم لطبيعة الانتقادات الدولية لملف حقوق الإنسان في مصر بحيث تنحي السلطات المصرية جانبا سلبية التعامل مع هذه الأطراف الدولية والحوار معها بلغة تفهمها هذه الأطراف منظمات ودولاً. وإذا لم تنجح مصر في التعامل مع هذا الملف بإيجابية فإنه سيظل معوقاً في سبيل تطوير علاقات مصر الخارجية. يعد موضوع سد النهضة والعلاقات مع إثيوبيا هو التحدي الأكثر إلحاحا أمام الرئيس في فترته الثانية، ربما يدخل ملف سد النهضة الإثيوبي مرحلة أكثر تعقيدا، لذا يجب التعامل معه بأسلوب أكثر حزماً من الجانب السياسي، بعد تشجيع السودان لإثيوبيا على المماطلة. البعض يعتبر أن الرئيس السيسي تعامل في ملف سد النهضة بحكمة وعقل، ووضع نصب عينيه مدى قوة العلاقة بين مصر ودول القارة السمراء، والدليل على ذلك حرصه في أحاديثه ولقاءاته على تأكيد مدى قوة العلاقات التاريخية والاقتصادية بين دول القارة الإفريقية، لكن النتيجة النهائية حتى الآن أن موضوع سد النهضة والعلاقات المصرية الإثيوبية مازالت موضوعات شائكة، والتحدي هنا هو كيف يُمكن دعم هذه العلاقة، دون المساس بحقوق الشعب المصري، وهذا يحتاج علاجاً يختلف عما حدث في معالجة هذا الموضوع في الفترة الأولى.