للإنسان نوعان من الحاجات: حاجات تضمن له البقاء على قيد الحياة، وحاجات تضمن له حياة كريمة يندرج تحتها حقه في المشاركة الفاعلة في بناء مجتمعه من خلال المشاركة السياسية ضمن إطار الدستور الكويتي الذي كفل للفرد جملة حقوق سياسية واجتماعية واقتصادية. فالتنمية لا يمكن أن تقف عند الاستجابة للحاجات العادية، بل يجب أن تنصرف إلى التركيز وزيادة الاهتمام لتحقيق جميع الحقوق التي كفلها الدستور؛ ومن القصور وفساد الرؤية أن نرى رجال السياسة لا يعرفون عن التنمية إلا ما يوفر النوع الأول من الحاجات، فالعمل السياسي كما نفهمه يمثل مشروعاً كبيراً مخططاً له يسوس الكل تجاه أهداف كبرى يؤمن بها الجميع.
وتحت ظلال هذا الفهم للسياسة لا بد من الأمن المرتبط بالتنمية الشاملة المستدامة، ولا سيما في بناء الإنسان الكويتي من خلال قاعدة من المساواة وتكافؤ الفرص، والحرية الفكرية والثقافية، وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية المختلفة، وحرية تواصل الأفراد فيما بينهم بشكل يسمح بتكوين الجمعيات السياسية كمرحلة تسبق تشكيل الأحزاب بشكل رسمي؛ لتتحقق مصلحة الفرد والمجتمع.لذلك لا بد من الاهتمام بالتربية السياسية، لتتحول الديمقراطية الكويتية من شكلية إلى حقيقية، يشارك فيها الشعب مشاركة فاعلة من خلال تسلحه بالوعي السياسي المطلوب؛ والذي يسمح بوصول رجال دولة على مستوى تحديات العصر، وذوي رؤية بعيدة واضحة، وأصحاب همة عالية، تكون على مستوى تطلعات الأمة وآمالها وطموحاتها، رجال مؤمنين بقيم الديمقراطية ولديهم القدرة على مواجهة الاستجوابات؛ بحيث لا يبقى العمل السياسي تنازعاً على التسلط والنفوذ وتصارعاً طائفياً فئوياً لتختفي كل مظاهر التناحر ذات الأبعاد الفكرية والعنصرية التي لا تخدم إلا مصالح الدولة العميقة.ختاماً: إن مصلحة الفرد والمجتمع تكمن في تربية المواطن تربية سياسية؛ بما يساعد في بناء وعيه وتوسيع مدركاته، وزيادة اهتماماته بمشاكل مجتمعه وأمته العربية والإسلامية، وبالتالي تحصينه ضد التضليل والإغراءات المغرضة التي تؤثر في خياراته في الاستحقاقات السياسية؛ وهذا ما قصده بالفعل «أرسطو» عندما ربط بين الفعالية السياسية لدى الفرد والمواطنة ومن يستحقها، فذهب إلى أن المواطن هو من كانت له القدرة على المشاركة الفعالة في تيسير شؤون الدولة سياسياً وإدارياً وقضائياً. ودمتم بخير.
مقالات - اضافات
«High Light»: تربية سياسية
14-04-2018