أصدر «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب» كتاباً بعنوان «الكابتن وليام شكسبير المعتمد البريطاني في الكويت»، من إعداد الكاتب عيسى يحيى دشتي، ويعد الإصدار أول كتاب يتناول هذه الشخصية المهمة بتاريخ الكويت وبريطانيا.

يروي الكاتب ظروف تولي شكسبير مهام عمله في الكويت، ويقول ضمن هذا السياق: «استمر المعتمد السياسي نوكس بالعمل في الكويت حتى شهر أبريل عام 1909، وقد طلب مراراً أن يترك منصبه وعمله، وتحقق ذلك عندما خلفه في منصبه الكابتن شكسبير. كان هذا المعتمد الجديد يمتلك شخصية مختلفة عن نوكس. لم يحدث أي تغيير كبير في دور المعتمدية البريطانية في الكويت، وكما في السابق، لم يسمح الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت بأن يتدخل المعتمد البريطاني في حكم الكويت وإدارة شؤونها، فأصبح عمل المعتمد البريطاني الكابتن شكسبير مقصوراً على أن يكون الرسول بين الشيخ مبارك الصباح والمعتمد السياسي للخليج في بوشهر وكتابة التقارير للحكومة البريطانية».

Ad

ممثل دبلوماسي

ويشير الكاتب إلى قدرة شكسبير على توثيق علاقاته مع المجتمع الكويتي، ويوضح في هذا الصدد: «في كثير من الأوقات كان الشيخ مبارك الصباح غير محتاج إلى نصائح المعتمد البريطاني في الكويت في مشروعاته الخاصة وقراراته التي يتخذها، وكانت الاتصالات بين بوشهر والكويت محدودة (...) إلى أن أصبحت وظيفة المعتمد البريطاني ممثلاً دبلوماسياً بريطانياً في الكويت. فقد كان الكابتن شكسبير يبلغ الشيخ مبارك الصباح بوجهات النظر البريطانية وفي الوقت نفسه لم يكن يستطيع التدخل في الأمور الداخلية للكويت. لم يستطع الكابتن شكسبير أن يوسع مثل هذا الدور المحدود جداً له في الكويت، لكن ثمة أدلة تبين أنه كان أفضل من نوكس في علاقاته، خصوصاً مع كبار تجار اللؤلؤ الذين كانت لهم علاقة بالبحرين والهند، ومن لهم علاقة حميمة مع البريطانيين من أهل الكويت».

ويستطرد المؤلف في الحديث عن الأمور الإيجابية لشكسبير ويوضح في هذا الإطار: «أنجز الكابتن وليام شكسبير من خلال عمله في الكويت أموراً عدة أفادت المجتمع الكويتي، خصوصاً مطالباته في افتتاح مكتب للبريد ومواقفه المؤيدة لأمير الكويت الشيخ مبارك الصباح في كثير من القضايا والأحداث التي شهدها. كذلك ممارسة هوايته، وهي التصوير الفوتوغرافي، خدمت تاريخ الكويت من خلال توثيق جزء من الحياة الكويتية اليومية عبر صوره لمختلف مناظر ومناطق الكويت. وعمل الكابتن ويليام شكسبير كمعتمد بريطاني في الكويت خمس سنوات تقريباً من 1909 إلى 1914.

سبع حملات

يحدِّد الكاتب عدد الرحلات التي قام بها شكسبير في الجزيرة العربية، مشيراً ضمن هذا السياق إلى أنه: «كان يهوى التصوير الفوتوغرافي. قام بسبع حملات منفصلة في المناطق الداخلية للجزيرة العربية، حيث أصبح صديقاً مقرباً لابن سعود والذي كان آنذاك أمير نجد، وكان شكسبير من أنجز الترتيبات لتصوير ابن سعود لأول مرة، ولم يكن الأخير رأى آلة تصوير في حياته قبل ذلك. وفي مارس 1914 بدأ شكسبير رحلته من الكويت إلى الرياض قاطعاً مسافة 2900 كم – 1800 ميل ثم اتجه إلى العقبة عبر صحراء النفود حيث درس ورسم الخرائط بقدر كبير من التفاصيل، ما جعله أول أوروبي يقوم بذلك. وفي نوفمبر 1914 طلبت منه الحكومة البريطانية في الهند تأمين الدعم لابن سعود ليدعم قوة مشاة البريطانية الهندية التي نزلت في بلاد ما بين النهرين والتي اتخذت للتو البصرة مقراً لها».

يتابع: «تمكّن شكسبير خلال السنوات الخمس التي أمضاها في الكويت من التقاط عدد كبير من الصور للمدينة، إضافة إلى مجموعة مشاهد ممتازة للميناء عكست حبه للبحر والملاحة. ولكن ولعه الأشد كان مخصصاً لاستكشاف الصحراء، وسرعان ما تملك صقراً جيد التدريب اسمه شلوى وعدداً من الكلاب السلوقية، كان يأخذها معه في رحلاته إلى عمق الأراضي الكويتية حيث يتوقف أحياناً لزيارة شيوخ القبائل. وفي بادئ الأمر، تسببت كاميرته في بعض الرعب بسبب جدتها، فكثيراً ما كان الرجال الذين يلتقيهم يلوذون بالفرار ويحتمون وراء ساتر بمجرد أن يروها، ومع ذلك يبدو أنه عموماً لم يواجه عداوة جادة لعمله الفوتوغرافي».

مكتب البريد

حرص الكابتن وليام شكسبير على ضرورة إنشاء مكتب بريد في الكويت نظراً إلى نمو حجم المراسلات في البلاد، والحاجة الملحة إلى افتتاح مكتب بريد بشكل رسمي ومستقل عن مهام المعتمد، لأن أعمال البريد كانت بدأت في دار المعتمد البريطاني لعامة الناس إلى جانب العمل الأساسي لدار المعتمد في الكويت.

من خلال ذلك، أوضح شكسبير حجم مبيعات الطوابع البريدية وإقبال الناس على المراسلة واستخدام البريد والبريد المسجل، فضلاً عن إرسال الطرود والتحويلات المالية عبر البريد. بذلك يكون الكابتن شكسبير وضع النقاط على الحروف وشرح بشكل مفصل حجم النمو المتزايد في عملية استخدام الخدمات البريدية في الكويت، وكان ذلك كافياً لإقناع الحكومة البريطانية في الموافقة لافتتاح مكتب بريد رسمي في الكويت.

مصرعه في الحرب

في يناير 1915، قامت معركة الجراب وطلب منه ابن سعود التراجع إلى مكان آمن قبل البدء بالحرب، ولكنه امتنع عن ذلك والسبب أنه يود أن يوثق هذه المعركة من خلال التصوير الفوتوغرافي وكتابة التقارير المفصلة عنها، لكنه أسر وأصيب برصاصة مات على أثرها.

سلاح الفرسان السابع عشر

كان النقيب وليام هنري أرفيان شكسبير موظفاً مدنياً إنكليزياً ومستكشفاً رسم المناطق الشمالية من الجزيرة العربية التي لم تُرسم سابقاً. كذلك قام بأول اتصال وتواصل رسمي بين بريطانيا وبين ابن سعود، الملك الواعد للمملكة العربية السعودية آنذاك، وكان كذلك المستشار العسكري له من 1910 حتى 1915.

ولد في مدينة بومبي في 29 أكتوبر 1878، وهو ابن وليام هنري سوليفان وآني كارولين ديفدسون. تلقى تعليمه في مدرسة بورتسماوث النحوية، ثم كلية الملك وليام في جزيرة مان، والتحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في 19 أغسطس 1896 ثم أصبح ملازماً ثانياً في 22 يناير 1898، وفي 1899 انضم إلى فوج قائد سلاح الفرسان السابع عشر في بنغلادش.

بعد ذلك انضم إلى الدائرة السياسية البريطانية بالهند، وفي 1904 انضم إلى وزارة الخارجية البريطانية وأصبح أصغر نائب في إمبراطورية الهند البريطانية، ونُقل للعمل في الكويت كمعتمد سياسي من عام 1909، وقد بعث أيضاً كمعتمد سياسي إلى البحرين. وكان شكسبير لغوياً عظيماً مجيداً لغات عدة، أبرزها الأردية والبشتونية والفارسية والعربية بطلاقة.