منذ فترة بسيطة أعلنت وزارة التربية وجود نقص كبير في معلمات عدة مواد بالمرحلة الابتدائية، بسبب سياسات الإحلال وعدم التجديد لعدد من المعلمات الوافدات، فيما تبحث وزارة الصحة عن سُبل توفير الكوادر الفنية المطلوبة لتشغيل المستشفيات الجديدة، بينما يبدو أن الحكومة ستمرر قانون التقاعد المبكر الكارثي، لتحقق "كريدت" للنواب الذين يعانون بسبب التململ العام من أدائهم.عندما طُرح موضوع التقاعد المبكر في المجلس الحالي اعتقدت أنه مجرَّد دغدغة مشاعر، لأن موضوع "التقاعد المبكر" دارت حوله معركة كبيرة في مجلس الأمة عام 1999، وحسمت في تلك الفترة لمصلحة جدول الأعمار، الذي أقر في حينه، وجاءت ردود أفعال بعض النواب في المجلس الحالي ضد إعادة طرح هذا الموضوع، لكن للأسف تغيرت مع مرور الوقت مواقفهم لمصلحة الاقتراح، وذلك غالباً بسبب حسابات انتخابية وحلم العودة للكرسي الأخضر، متجاهلين تكلفة ذلك على البلد.
حقيقة، لست مهتماً كثيراً بالتكلفة المالية للتقاعد المبكر، وإن كانت مهمة، لأني مقتنع بأن إمكانيات الكويت المالية تمكنها من أن تسدد كل رواتب الكويتيين لو تقاعدوا وجلسوا جميعاً في بيوتهم، لكنني كنت أنتظر أن أرى دراسات عن أثر التقاعد المبكر على القوى العاملة الوطنية، ونتاج الكويتيين الذين أرسلوا إلى الخارج للدراسة والتدريب، وكذلك تأثير خروج آلاف الكويتيين للتقاعد على التركيبة السكانية، وأيضاً الآثار الاجتماعية والاقتصادية لذلك.هناك كلام غير مثبت ومرسل من بعض النواب، مفاده أن التقاعد المبكر للكويتيين سيحل مشكلة العاطلين عن العمل، وهو كلام غير دقيق، حيث إن نظام "الباكيج"، أو مكافأة نهاية الخدمة المجزية التي تمت في أكثر من قطاع بالدولة خلال العقد الماضي لم توفر فرص عمل كبيرة للكويتيين، كما أن نفس التجربة نُفذت في تاريخ الكويت القريب ولم تحقق الهدف المرجو منها، بل أدت إلى جلب المزيد من العمالة الأجنبية لسد خبرات كويتية أُحيلت للتقاعد.عملياً التقاعد المبكر سيخدم أصحاب المهن الرفيعة؛ الطب والهندسة والمحاسبة... إلخ، والمطلوبة بشكل كبير في القطاع الخاص، إذ سيتمكن أصحاب تلك المهن من الحصول على راتب التقاعد، مع الالتحاق لاحقاً بوظائف في القطاع الخاص. أما الحديث عن التخمة في الوظائف الإدارية، فالحل مطروح منذ عدة سنوات، وهو إعادة تأهيلهم وتدريبهم بوظائف أخرى تساهم في حل مشكلة خلل التركيبة السكانية.في الواقع عوَّلنا كثيراً على الحكومة وصوت العقل لدى بعض النواب لمنع العبث مجدداً بنظام التأمينات الاجتماعية والتقاعد، لكنهم خذلونا، بسبب حساباتهم السياسية، وها هي الحكومة تتراجع خطوة وراء خطوة لتمرير قانون التقاعد المبكر، وكأن لسان الحال عند البعض منهم يقول: هي خربانة... خربانة!
أخر كلام
تقاعدوا... خربانة... خربانة!
15-04-2018