يناقش مجلس الأمة في جلسته بعد غد الثلاثاء تقرير اللجنة المالية الخاص بفرض ضريبة على التحويلات المالية الخارجية للوافدين، الذي تقدمت به مجموعة من النواب عبر أربعة اقتراحات بقانون هي كالتالي:- الاقتراح بقانون بشأن فرض ضريبة على التحويلات المالية الخارجية للوافدين المقدم من العضو فيصل محمد الكندري.
- الاقتراح بقانون بإضافة مادتين جديدتين برقمي (71 مكررا أ) و(85 مكررا أ) الى القانون رقم (32) لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، المقدم من الأعضاء خليل إبراهيم الصالح، وعمر عبدالمحسن الطبطبائي، وفيصل محمد الكندري، وعسكر عويد العنزي، ويوسف صالح الفضالة. (المحال بصفة الاستعجال).- الاقتراح بقانون بإضافة مادة جديدة برقم (71 مكررا أ) إلى القانون رقم (32) لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية المقدم من العضو صفاء عبدالرحمن الهاشم.- الاقتراح بقانون بإضافة مادة جديدة برقم (71 مكررا أ) إلى القانون رقم (32) لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي والمهنة المصرفية المقدم من العضو عمر عبدالمحسن الطبطبائي.وقال مقرر اللجنة المالية النائب صالح عاشور، إن رئيس مجلس الأمة أحال الاقتراحات المشار إليها في صدر التقرير بتاريخ 1/2/2018 وذلك رفق التقرير رقم (37) للجنة الشؤون التشريعية والقانونية لدراستها وإعداد تقرير بشأنها.وعقدت اللجنة اجتماعين الأول بتاريخ 25/3/2018، والثاني 1/4/2018.
مصادر جديدة
وأضاف عاشور أن اللجنة اطلعت على الاقتراحات بقوانين، التي تهدف بمجملها إلى إيجاد مصادر جديدة للدخل، بفرض ضريبة على التحويلات المالية الخارجية للوافدين بحيث يكون ذلك بمنزلة رسم مقابل ما تقدمه الدولة من خدمات ومرافق صحية وتعليمية وغيرها، إضافة إلى المواد المدعومة، التي يتمتع بها الوافد كالبنزين والغاز والكهرباء. ولا شك أن ذلك سينعكس بالنهاية على جودة الخدمات التي ستقدم للمقيمين على أرض الكويت.وأشار عاشور إلى أن اللجنة وبعد أن تدارست الاقتراحات بقوانين المشار إليها أعلاه وعلى ضوء ما انتهت إليه لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في تقريرها (37) وبعد سماع رأي الحكومة بهذا الصدد رأت أن الاقتراحات بقوانين يجب أن تتم دراستها وتسليط الضوء عليها من جانبين وهما الجانب الدستوري والجانب الاقتصادي.أولاً: الجانب الدستوري
استمعت اللجنة بهذا الصدد إلى رأي المستشارين الدستوريين بفريق عمل اللجنة وهما كل من: أ.د. عزيزة الشريف، أ.د. رمضان بطيخ وأوضحا أن المشرع الدستوري حرص على تضمين دستور دولة الكويت ما يكفل الحفاظ على المقومات الأساسية للمجتمع وحماية الحقوق والواجبات العامة للأفراد. وحيث إن المادة 7 تنص على أن "العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين" كما أن المادة 29 من الدستور تنص على أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين".ولما كان الدستور الكويتي في المادتين سالفتي الذكر، قد نادى بمبادئ المساواة وعدم التمايز بين الأفراد سواء كانوا مواطنين أو غير مواطنين في الحقوق والواجبات العامة، ويتضح ذلك جلياً في بعض الكلمات والمصطلحات التي تشمل جميع سكان الكويت المقيمين على أرضها من مواطنين أو غير مواطنين، مثل كلمة الناس في المادة 29 وكلمة الإنسان في المادة 31، وكلمة المتهم في المادة 34 والحريات المتعلقة بالإنسان في المادتين 35، 36 والمادة 49 التي نصت على أن مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان دولة الكويت.المحكمة الدستورية
وعلى الرغم من صراحة هذه النصوص ووضوحها وتأكيدها على مبدأ المساواة بين جميع الأشخاص القاطنين على أرض الكويت سواء كانوا مواطنين او غير مواطنين فإنه وفقاً لما انتهت إليه المحكمة الدستورية في دولة الكويت، فثمة أوضاع قد تقتضي عدم تطبيق هذا المبدأ الدستوري بصورة مطلقة وتجيز التمييز طالما كانت له الأسباب الموضوعية التي تبرره، وكان متفقاً مع الأغراض التي يستهدفها المشرع، بمعنى أن مبدأ المساواة وعدم التمايز بين الأفراد لا يؤخذ بشكل مطلق بحيث لا يحده حد ولا يقيده قيد. ومن أمثلة هذا الحكم الصادر من المحكمة الدستورية في الدعوى المقيدة بسجل المحكمة برقم (41) لسنة 2008 "دستوري".إذ بينت المحكمة "أن المساواة في جوهرها تعني التسوية في المعاملة بين المراكز القانونية المتماثلة، والمغايرة في المعاملة بين المراكز القانونية المختلفة، والتمييز المهني عنه هو ذلك التمييز غير المبرر، والذي تتنافر فيه المراكز القانونية التي تتحد خصائصها وتتوافق عناصرها، بحيث تكون القاعدة القانونية، التي تحكمها إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز، أو أن هذه القاعدة قاصرة بنطاقها عن استيعاب هذه المراكز، وهناك فرق بين التمييز غير الجائز، وبين التقسيم أو التصنيف الجائز والذي تنطوي عليه بعض التشريعات التي تخص جماعة أو أفراداً أو فئة أو طائفة بحكم قانوني خاص أو معاملة خاصة، والتقسيم أو التصنيف الجائز هو الذي يرتب المعاملة أو الحكم القانوني الخاص بها على أساس توفر صفة معينة أو وجود واقعة خاصة ومتميزة تربطها بالنتيجة التي يرتبها هذا الحكم رابطة منطقية يمكن الوقوف عليها وتحديدها، بالتالي فإنه كلما كانت القاعدة التنظيمية مغايرة بين أوضاع أو مراكز أو أفراد لا تتحد واقعاً فيما بينها، وكان تقدير تلك المغايرة قائماً على أسس موضوعية، مستهدفة تحقيق أهداف مشروعة، وكافلة وحدة القاعدة القانونية في شأن مراكز وأوضاع متماثلة كانت هذه القواعد في إطار السلطة التقديرية للجهة، التي قررتها، بل متضمنة تمييزاً مبرراً لا ينال من مشروعيتها الدستورية".وتبعاً لما تقدم، فقد جاءت المادة 48 من الدستور في شأن الضرائب والتكاليف عامة في مجالها إذ نصت على أن (أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون وينظم القانون إعفاء الدخول الصغيرة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة).وبناء على ذلك فهذه المادة وضعت إطاراً عاماً لكيفية التعامل مع فرض الضرائب بالنسبة لجميع فئات سكان الكويت سواء مواطنون أو أجانب مقيمون وافدون والاعتبار الدستوري الأساسي هو مراعاة مستوى الدخل ومداه ومدى قدرته على كفالة الحياة الكريمة للإنسان.ولذلك فإن أداة فرض الضريبة هي القانون الذي منحه الدستور للسلطة التقديرية في وضع الإطار المنظم لاستحقاق هذه الضريبة من حيث مداها، ومن حيث الخاضعين لها والاعتبار الوحيد الذي فرضه الدستور هو مراعاة مستوى الدخل بما يسمح بالإعفاء من الضريبة لذوي الدخل المحدود وما عدا ذلك سواء من حيث قيمة الضريبة أو المشمولين بها فهو أمر متروك تقديره للمشرع حسب عبارة الدستور (وفقاً للقانون) الواردة في المادة 48 من الدستور الكويتي.كما أكد الخبير الدستوري في مجلس الأمة أ.د عبدالفتاح حسن هذا الرأي.إيجابية مالية
وعن الجانب الاقتصادي، أفاد بأنه الشق الثاني من الموضوع، والناظر في الاقتراحات بقوانين يجد أنها تحمل إيجابية مالية رئيسية وهي تنويع مصادر الدخل، خصوصاً أننا في دولة الكويت لدينا مصدر وحيد للدخل وهو النفط حيث تشكل الإيرادات النفطية 88 في المئة من إجمالي إيرادات الدولة وفقاً للميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2017/2018.وأضاف أنه بنظرة شاملة لقيمة التحويلات الخارجية للوافدين في الكويت ومقارنتها بنتائج الدول تبين للجنة أن دولة الكويت احتلت المركز السابع عالمياً رغم صغر حجم الاقتصاد الكويتي، مشيراً إلى أن مجموع قيمة التحويلات الخارجية بدولة الكويت للوافدين لعام 2017 بلغت نحو 4.13 مليارات دينار وبذلك ستعزز هذه التحويلات الميزانية العامة للدولة بإيرادات تقارب الـ 150 مليون دينار، وذلك عند فرض رسم ما يعادل 5 في المئة.وللحصول على نتائج دقيقة، أجرت اللجنة مقارنة تفصيلية للتحويلات الخارجية للوافدين في دول مجلس التعاون الخليجي، لأن دول الخليج تتشابه في بنيتها الاقتصادية إذ تتميز هذه الاقتصادات بأنها دول مستوردة للعمالة لا مصدرة كباقي دول العالم، وبسبب هذه الخصوصية فإننا لا نجد مثل هذه الضريبة مطبقة سوى في بعض دول الخليج.ويتضح من المقارنة مما يلي:1- أن الكويت تحتل الترتيب الثاني بين دول مجلس التعاون كأعلى نسبة للتحويلات إلى إجمالي الناتج المحلي.2 - أن الكويت احتلت الترتيب الثاني بين دول مجلس التعاون كأعلى متوسط للتحويل السنوي للوافد.من جانب آخر، نظرت اللجنة الحساب الجاري للدولة (وهو الفرق بين الصادرات والواردات من بضائع وخدمات وتدفقات مالية) وتبين لها أن الحساب شهد عجزاً في عام 2016 وهو الأول منذ الغزو العراقي، فبعد أن كان الحساب الجاري يحقق فائضاً يقدر بـ 22.1 مليار دينار أصبح يحقق عجزاً يقدر بـ 1.5 مليار دينار، ويرجع السبب في هذا العجز لوجود عجز في بندين من 4 بنود رئيسية هما بند الخدمات بعجز يقدر 6.3 مليارات وبند الدخل الثانوي المتمثل بتحويلات العاملين في الدولة بعجز يقدر بـ 5.2 مليارات أما بند الميزان السلعي فحقق فائضاً قدره 6 مليارات وبند الدخل الأساسي فحقق فائضاً يقدر بـ 4 مليارات.نظرة شاملة
وحول رأي اللجنة قال عاشور، إنه بناء على ما تقدم وبعد الاطلاع على الآراء الدستورية والاقتصادية والدراسة التي قامت بها اللجنة ومن خلال نظرة شمولية للإصلاح الاقتصادي والمالي انتهت اللجنة إلى ما يلي:1 - خلو الاقتراحات بقوانين من وجود شبهة مخالفة أحكام الدستور.2 - وضع قانون خاص يهدف إلى فرض ضريبة على المبالغ المالية التي يقوم بتحويلها الأجانب المقيمون داخل دولة الكويت إلى الخارج، أياً كانت العملة، التي يتم بها التحويل بدلاً من أن يكون هذا التعديل على القانون رقم 2 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي.3 - استثناء التحويل المتعلقة بالاتفاقيات الخاصة بحماية الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال على النحو المبين بأحكامها.4 - تقسيم الفئات التي تفرض عليها الضريبة الى شرائح بحيث يراعى في ذلك أصحاب الدخول المحدودة والعمالة المنزلية.5 - إعطاء وزارة المالية مسؤولية جمع الضرائب والرسوم مع تكليف البنك المركزي الإشراف على ذلك.6 - فرض غرامة مالية على من يقوم باجراء تحويل مالي دون ان يلتزم بنسب الضريبة المحددة بالقانون وتطبيق عقوبة الحبس على من يقوم بتحويل الأموال خارج الأطر الرسمية.وقال بعد المناقشة وتبادل الآراء، انتهت اللجنة بأغلبية آراء أعضائها الحاضرين (5-1 ممتنع) إلى الموافقة على الاقتراح بقانون بشأن فرض ضريبة على التحويلات المالية للأجانب المقيمين داخل دولة الكويت، وذلك على النحو المبين بالجدول المقارن.وانبنى رأي الأقلية على عدم الموافقة على الشرائح والنسب الضريبية الموجودة بالقانون.