يشهد القطاع العقاري بين فترة وأخرى متغيرات عديدة، فالقطاع كغيره من القطاعات تتحكم فيه عوامل عدة تعمل على تجديد التحديات، وخلق احتياجات مختلفة عن السابق.

ومن أبرز العوامل التي تعمل على خلق المتغيرات في القطاع العقاري الاستثماري تحديدا، هو اجمالي العمالة الوافدة وطبيعتها ونسبة نموها السنوي، إضافة إلى القوانين التي يتم إقرارها بين الحين والآخر.

Ad

وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على رفع تعرفتي الكهرباء والماء على العقار الاستثماري، طرأت العديد من المتغيرات على شكل الطلب من المستأجرين على الشقق الاستثمارية.

ومن الملاحظ أن الطلب ارتفع بشكل كبير على الشقق ذات المساحات الصغيرة، في حين أصبحت هناك نسبة شغور عالية في الشقق ذات المساحات الكبيرة.

وارتفع الطلب من المستثمرين على العقارات الاستثمارية الصغيرة بنسبة ملحوظة منذ بداية العام الجاري، مقابل الركود والجمود في العقارات الكبيرة ذات نسب البناء العالية.

وعزا عدد من العقاريين ذلك الارتفاع من المستأجرين والمستثمرين إلى عدة عوامل أبرزها ارتفاع تكاليف استهلاك الكهرباء والماء، وتوجه الدولة نحو فرض الضرائب والقيمة المضافة، بالاضافة الى رفع العديد من الرسوم على الوافدين، مما أدى إلى انتهاجهم سياسة تقشفية.

ويشير العقاريون الى ان هناك توجها نحو تقليل المصاريف من شريحة كبيرة من الوافدين، الفئة المستهدفة لقطاع العقار الاستثماري، نتج عنه شغور نسبة كبيرة من الشقق بشكل عام، حيث لجأت شريحة كبيرة من الوافدين الى ترحيل أسرهم الى موطنهم، ومشاركة السكن مع مجموعة من العزاب، وذلك تخفيضا للمصاريف.

وتوضح تقارير عدة أن نسبة الاشغالات في العقارات الاستثمارية انخفضت بمعدلات كبيرة خلال عام 2017، وتجاوزت الشواغر ما نسبته 15 في المئة، ما يعادل نحو 52 ألف شقة من أصل 371 ألفاً، موزعة على 13.353 ألف عقار استثماري.

شواغر الشقق

وأثرت هذه الشواغر على إيرادات العقارات الاستثمارية بشكل واضح، مما اضطر بعض ملاك تلك العقارات الى تخفيض الايجارات بهدف جذب المستأجرين.

وواجه البعض الآخر من الملاك تلك الشواغر بمزيد من التسهيلات بدلا من تخفيض الايجارات، كتوفير انترنت مجاني، ومواقف سيارات وغيرها من المزايا التي لم تكن متوافرة سابقا، حيث يفضلون أن تبقى الشقق خالية على أن يتم تأجيرها بأسعار منخفضة.

واستغل بعض الملاك الوضع، بتوفير شقة تتكون من غرفة واحدة وتوابعها، وذلك استهدافا لشريحة العزاب الراغبين في تقليل مصاريفهم.

وكان العقار الاستثماري مر بمرحلة ركود كبيرة جدا خلال السنوات الماضية، حيث انتشرت مؤخرا اعلانات "شقق للايجار" بكثرة، إلا أن القيم الإيجارية ما زالت مرتفعة، حيث أوضح بعض العقاريين، أن انتشار "شقق للإيجار" تتزايد في العمارات ذات التشطيب السيئ والمواقع غير الجيدة التي تعتبر فيها الإيجارات مرتفعة دون وجود مبرر، فبالتالي وجود شقق خالية أمر طبيعي، كما تتزايد إعلانات التأجير في العمارات حديثة الإنشاء، إذ تعلن عن بدء التأجير، وهذا أيضا أمر طبيعي.

وانخفضت القيم الايجارية خلال 2017 بنسبة تراوحت بين 10 و15 في المئة، مقارنة بالقيم الايجارية خلال السنوات الماضية، حيث ارتفعت نسبة الشقق الشاغرة وباتت لا يخلو منها أي عقار في مختلف المناطق الاستثمارية، وهذا يعد أهم الأسباب التي دفعت الملاك لتخفيض الإيجارات.

القيم الإيجارية

بلغت القيمة الايجارية للشقة المكونة من غرفتين وصالة مساحة 60 مترا في محافظة العاصمة ما بين 300 و330 دينارا، بينما تتراوح لنفس المساحة في محافظة حولي بين 250 و300 دينار، وتبلغ في "الفروانية" ما بين 260 و310 دنانير، وفي "الأحمدي" بين 250 إلى 270 ديناراً، بينما تتراوح بين 280 و300 دينار في "مبارك الكبير"، وفي محافظة الجهراء بين 270 و300 دينار.

ويتوقع عدد من العقاريين أن تنخفض الايجارات بنسبة 10 في المئة خلال العام الجاري، حيث ان استمرار الركود الاقتصادي له تأثيرات سلبية كبيرة، كما أن توجه الحكومة نحو فرض الضرائب وزيادة الرسوم على الوافدين لم تظهر تبعاته بشكل واضح الى الآن.

وكانت تقارير عديدة أظهرت أن نمو عدد الوافدين في الكويت سجل أدنى نسبة نمو منذ 9 سنوات، اذ ارتفع عددهم بنحو 57 ألف نسمة، أي بمعدل نمو قاربت نسبته 1.9 في المئة، بانخفاض كبير عن نسبة نموهم في عام 2016 البالغة نحو 4.8 في المئة، وبلغ عددهم نحو 3.130 ملايين نسمة، وبمعدل نمو سنوي مركب، خلال السنوات من 2008 إلى 2017، بلغ نحو 3.2 في المئة.

العائد التأجيري

وعن العائد التأجيري للعقارات الاستثمارية، أوضح العقاريون أن بعض العقارات الواقعة في اماكن مميزة تدر عوائد جيدة تتراوح بين 7.5 و8 في المئة، في حين تدر بعض العقارات عوائد تتراوح بين 6.5 و7 في المئة، مؤكدين أن هذه النسبة تعتبر جيدة في ظل انعدام الفرص الاستثمارية الاخرى.

وأكدوا ان السوق العقاري لا يزال متماسكا في ظل الركود والانخفاضات، حيث طبيعة السوق العقاري المحلي تختلف عن بقية الاسواق الاخرى، فمعظم المستثمرين كويتيون، ولا توجد مخاوف من التخارجات أو تسييل الأصول.

ومع تدني عوائد العقارات الاستثمارية لجأ الملاك الى تحويل تلك العقارات الى تجارية، وذلك من خلال البحث والتأجير الشقق لاصحاب الانشطة الاستثمارية مثل مكاتب المحاماة والمعاهد الصحية او التعليمية أو صالونات التجميل والمشاغل النسائية.