إيطاليا تواجه صعوبات بتشكيل حكومة
عادت المسائل لتتمحور حوله، يملك برلسكوني في سن الحادية والثمانين سجلاً إجرامياً (الاحتيال الضريبي) ويُحاكم مرة أخرى بتهمة "رشوة الشهود"، أما حزبه "فورزا إيطاليا"، فقد حقق نتائج كارثية في الانتخابات العامة في الرابع من مارس، فاز بنحو 14% من الأصوات واضطر برلسكوني إلى التنازل عن قيادة اليمين إلى ماتيو سالفيني من رابطة الشمال.ولكن في حين كان الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا يستعد لإطلاق الجولة الثانية من المحادثات في 12 أبريل بهدف منح إيطاليا حكومة عاد برلسكوني إلى محور الحظوة في بلده، ولو بطريقة لم يكن يأملها.كان من المتوقع عموماً أن يخرج برلسكوني من الانتخابات ليكون صانع القادة: يتمتع بالقدرة على مباركة أو عرقلة أي ائتلاف بين حزبه اليميني الوسطي والحزب الديمقراطي اليساري الوسطي الحاكم، إلا أن هذا الأخير لم يحقق بدوره نتائج جيدة، مبدداً أي آمال بتشكيل ائتلاف مع "فورزا إيطاليا": لا يملك هذان الحزبان معاً سوى ثلث المقاعد في البرلمان.
يتركز معظم الاهتمام اليوم على القائد الشاب لحركة النجوم الخمسة المتميزة لويجي دي مايو، فمع أكثر من ثلث المشرعين الجدد تستطيع هذه الحركة أن تشكّل حكومة أو تعرقل تأليفها في البرلمان الإيطالي المتعثر، وبما أن هذه الحركة تضم خليطاً غير متجانس من السياسات والأنصار تستطيع أن تميل يميناً أو يساراً وفق الظروف. تضم الشراكة الأكثر نجاحاً حسابياً حركة النجوم الخمسة ورابطة الشمال الشعبوية، فمعاً ستتمتعان بأكثرية واضحة في كلتا غرفتَي البرلمان، وكذلك قادتهما كانوا منسجمين في المحادثات التي سبقت انتخاب رئيسَي المجلس، ولكن ثمة عقبات: أولاً، لا يريد دي مايو أن يكون صانع القادة، بل القائد بحد ذاته، مع أن هذه الخطوة ستشكل تبجحاً تكتيكياً، وبالإضافة إلى ذلك تتمثل العقبة الأخرى في برلسكوني نفسه، الذي يرغب سالفيني في أن يشكّل حزبه جزءاً من أي حكومة في المستقبل، في حين تريد حركة النجوم الخمسة استبعاده.يكره كثيرون من ناشطي حركة النجوم الخمسة رئيس الوزراء السابق، الذي وُجهّت إليه تهم كثيرة، وكل المحيطين به. يرفض دي مايو حتى الكلام مع برلسكوني، أما السبب الآخر فهو أن حركة النجوم الخمسة قد تصبح شريكاً أساسياً في ائتلافها مع رابطة الشمال، غير أنها ستظل شريكاً ثانوياً في أي تعاون مع الائتلاف اليميني بأكمله، الذي يضم أيضاً مجموعتَين أصغر بكثير. ما زال سالفيني حتى اليوم وفياً للتحالف، لكن هذا يعود في جزء منه إلى ضرورة أن يكون اليمين موحداً في الانتخابات المحلية التي ستُجرى في وقت لاحق من هذا الشهر، أما ما قد يحدث بعد ذلك فمسألة مختلفة تماماً تعتمد بدلاً من ذلك على جهود دي مايو لإقناع الحزب الديمقراطي.تتبقى رغم ذلك عقبتان إضافيتان، انتقدت حركة النجوم الخمسة بشراسة الحزب الديمقراطي، صحيح أن دي مايو أعلن في السابع من أبريل أن الوقت قد حان لحل الخلافات، إلا أن هذه الكلمات لن تكون كافية لإرضاء الكثير من أنصار الحزب الديمقراطي، أما العقبة الأخرى فتتمثل في ماتيو رينزي، زعيم الحزب الديمقراطي السابق الذي ما زال يتمتع بنفوذ واسع، والذي أقنع الحزب بالانتقال إلى المعارضة وإعادة بناء صفوفه، رغم ذلك بدأت التصدعات تظهر في وحدة الحزب الديمقراطي الظاهرية، لذلك شدد قائدان بارزان على ضرورة الحوار.إذاً يتوقف حل معضلة الحكومة الإيطالية المقبلة على أي من الطرفين (اليمين أو اليسار) سينقسم أولاً، أما إذا حافظ كلاهما على وحدتهما، فسيكون على الرئيس ماتاريلا صوغ ائتلاف يضم كل الأحزاب بغية سن قانون انتخابي يؤدي إلى نتيجة أكثر وضوحاً ليقود إيطاليا مجدداً إلى صناديق الاقتراع.