سورية الغريقة
"سورية ستنفجر، أعرف أنكم سمعتم هذا من قبل، لكن هذه المرة، أقول لكم إنها ستنفجر حقيقة، فضرب سورية من الدول الثلاث، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لأن النظام استعمل الكيماوي، سيعني مواجهة محتملة مع روسيا، وهذه ستكون أخطر مواجهة... لكن ليس هذا بيت القصيد فقط، فالحرب القادمة ستكون بين إسرائيل وإيران التي تمددت في سورية، وأقامت لها عدداً من قواعد الصواريخ الموجهة ضد إسرائيل... هذه الحرب بين إسرائيل وإيران لن تكون حرباً بالوكالة وإنما حرب مباشرة، فهذا ما يسعى إليه قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، لينتقم من قتل إسرائيل للعقيد مهدي دوهغان، الذي قاد وحدة طائرات درون ضد إسرائيل، لم تكن طائرة درون الإيرانية، التي أسقطتها إسرائيل، للتجسس فقط وإنما كانت محملة بقنابل...".الفقرة السابقة كانت من مقال توماس فريدمان في "نيويورك تايمز" عدد الأمس، هو يتوقع ويتنبأ بحرب قادمة شبه حتمية، إذا استمر الحال على وضعه. حرب قادمة بين إسرائيل وإيران، ليس عبر حزب الله في لبنان وإنما بمواجهة مباشرة بينهما، لكن أين الجديد في توقعاته بأن سورية ستنفجر، فسورية منفجرة منذ سبع سنوات مدمرة، هي مدمرة من بداية مظاهرات سلمية ضد نظام الأسد بسبب رداءة الوضع الاقتصادي كنتيجة للجفاف الذي ضرب المنطقة وأضر بالمزارعين هناك، وبسبب شرارة الربيع العربي حينها ولفساد أجهزة النظام وقمعه الرهيب للمتظاهرين، دون أن ننسى دور المخابرات الأميركية والمال الخليجي لقلب حركة الرفض من مظاهرات سلمية إلى عمل عسكري تسيدت فيه قوى إسلامية متطرفة.
سورية التي كانت يوماً ليس ببعيد إحدى الدول الأربع التي يقوم عليها النظام العربي مع مصر والعراق والسعودية، انتهت لتصبح لبنان ما بين عامي 75 و90 في العقد الماضي، لكن قد لا تكون النهاية بطريقة لا غالب ولا مغلوب اللبنانية، وإنما بتشظي الدولة السورية وتفتيتها إلى دويلات تهيمن عليها دول قوية، مثل تركيا وإيران وروسيا.سمعنا بوش الابن يقول بعد احتلال العراق، وإسقاط صدام حسين، إن "المهمة انتهت" (مشن اكمبولش)، وانتهينا بحرب طائفية مدمرة هناك، واليوم يقول ترامب ذات العبارة، ولا أحد يقطع كيف ستنتهي حرب سورية بأكثر مما هي عليه اليوم، أكثر من نصف مليون قتيل، ونصف سكانها ما بين مهجر، أي مقتلع من مكانه، ولاجئ، ماذا يمكن أن يحدث لسورية أسوأ من ذلك؟ وماذا يعني الفراغ الذي ستخلفه الولايات المتحدة المترددة حين ترحل من سورية؟ (فواز جرجس الجريدة عدد الأحد) لن يكون هناك فراغ تملأه دول الجوار القوية، هي الآن تسد كل مسام الجسد السوري وتمنعه من التنفس... ماذا يعني أن سورية ستنفجر؟ هي منفجرة من زمان... ولا عزاء لأهلها... كأن حالهم يقول "أنا الغريق فما خوفي من البلل".