أين أنصار الدولة المدنية؟!
يعيش التيار الأصولي الديني حالة من انحسار نشاطه الحزبي والإعلامي، وهذه الحالة كانت ولا تزال فرصة أمام التيار الوطني ليثبت وجوده، ويعود للساحة بقوته السابقة لكنه لم يفعل! ولا بد من وقفة جادة وتأمل لهذه الحالة، وتقييمها ونقد التجربة.
نشرت جريدة "الجريدة" افتتاحية على الصفحة الأولى يوم 9 أبريل 2018، تحت عنوان "الكويت دولة مدنية أم أصولية؟!"، وكانت مقالة تنسجم مع توجه الجريدة، وتوجه التيار الوطني في البلاد، وقرأنا الافتتاحية، وتعقيباً عليها نود هنا أن نطرح سؤالاً هو: أين أنصار الدولة المدنية اليوم؟! الدولة المدنية هي دولة القانون والدستور، وقد كان الرواد في المجتمع الكويتي يدركون أهميته، ولذلك كانوا حريصين على مدنية الدولة في نصوص الدستور قبل أكثر من نصف قرن، السؤال أين أمثال تلك النخبة اليوم؟ لا بل أين التيار الوطني المدني؟ وما تأثيره في النهج والقرار؟!
إن مجرد طرح السؤال لا يكفي، بل لا بد من معالجة الخلل الذي يعيشه التيار الوطني، فحضوره ينحسر وتأثيره يتقلص لأسباب موضوعية، ليس بسبب قوة وتأثير الأصولية الدينية بل لأسباب أخرى لا بد من بحثها وتأملها، وهي بدون شك مرتبطة بالتعليم والثقافة في البلاد في هذه المرحلة التاريخية. ومع احترامنا وتقديرنا لما طرح في افتتاحية "الجريدة" لدينا ملاحظتان: الأولى، لوم الحكومة على خطوتها بالتراجع نتيجة للضغوط الأصولية في مجلس الأمة وخارجه، وهذه يمكن تقييمها في أن الحكومة في لعبة التوازن السياسي تلجأ إلى مثل ذلك الموقف، وليس هناك شيء جديد، والثانية تصوير قوة التيار الأصولي وتأثيره على الساحة إلى درجة تأثيره على موقف الحكومة. والذي يقرأ الواقع بدقة يجد العكس، حيث يعيش التيار الأصولي الديني انحناءه للعاصفة أو انحسار نشاطه الحزبي والإعلامي، وكانت ولا تزال تلك الحالة فرصة أمام التيار الوطني ليثبت وجوده، ويعود للساحة بقوته السابقة لكنه لم يفعل! ولا بد من وقفة جادة وتأمل لهذه الحالة، وتقييمها ونقد التجربة، لمعرفة أسباب هذا الانحسار، وكيفية الخروج من المأزق، وعدم الاستسلام للمسلّمات. نعم هي جزء من حالة عامة نعيشها، وهي حالة التردي كلما كانت الأوضاع العامة في الوطن العربي متردية، لكن ذلك يجب أن يكون بداية لميلاد حالة جديدة تقوم على العقلانية، والتمسك بالدولة المدنية، وتحية لجريدة "الجريدة" التي طرحت موضوعا مهما، وأثارت شجوننا.