خارج السرب: إياك ثم إياك أن تبتل بالغاز
أيها السوري المسكين افهم الدرس أرجوك، فقد رماك المجتمع الدولي اليوم في يمّ الشياطين مكتوفاً بشظايا الرصاص والقذائف ولوعات الشوق وغرغرة الغرق في لجة البحار، أو في دموع أحبابك، وقال لك "إياك إياك ثم إياك أن تبتل بالغاز".
أكثر ما أثار استغرابي عند متابعة أخبار الضربة الغربية الأخيرة لنظام الأسد هو خبر القصف الذي طال مطار الضمير؟ فالذي أعرفه وأوقنه أن "مطار الضمير العالمي" يتعرض منذ سبع سنوات للقصف المستمر والمدمر، فما الذي تغير ليذكر كخبر عاجل!! بعدها اكتشفت أن الأمر مجرد تشابه أسماء لا أكثر، وأن مطار الضمير المقصود هو مطار آخر قرب دمشق اتخذه النظام مركزاً لقصف السوريين في كل آن وحين بما لذّ وطاب من السارين والخردل والكلور، مرسلاً تحيات براميله المتفجرة بضمير غاز غائب في جملة دموية لم يعربها النظام العالمي جيداً "حتى" اليوم، ورحمك الله يا أبا الأسود الدؤلي، فما زال في القلب العربي حتى اليوم شيءٌ من "حتى"، وللأمانة النظام وحلفاؤه، جزاهم الله كل خبر قصف عاجل في قنوات الأخبار، يَرَوْن أن الغاز أرحم ألف مرة من الذبح نحراً وشنقاً أو تشظيا بالرصاص الحي وقذائف المدفعية والطيران الميت شوقاً لأجساد المدنيين من الأطفال والنساء العزل!
ولكن الغرب، قاتله الله، لا يساند وجهة نظر النظام وحلفائه، ويرى أن النظام "مصخها دموياً"، والمفروض ألا يسمح له إلا بسحق السوريين دهسا بالدبابات، وضرباً بالمدفعية والطيران والرصاص وكل ما يمثل الحالة الصلبة، ويمكن السماح جوازاً باستخدام الحالة السائلة عبر إغراقهم بالبحر المتوسط أو التسبب في ذلك أثناء رحلتهم لديار العالمين فراراً من جحيم بلادهم، أما الحالة الغازية فهي "تابو" محذور وخط أحمر مخطور يمثل حالة غير إنسانية بالمرة، وتخالف مبادئ الجدول الدوري لمندليف الذي صنف "الغازات النبيلة" فوق هام السحب، ولا يجوز للرعاع حسب "سلوم وعادات القوى العظمى" كأمثال الأسد وحلفائه استغلال أسلحة النبلاء الشاملة في الأمور التدميرية، يكفيهم الرصاص والقذائف والسكاكين حظا ونصيباً، فالجرائم والمذابح مقامات، بالإضافة لمخالفته أيضا لنظرية أينشتاين النسبية، التي تنص على أن الضوء هو الأسرع لا "الضيم" السوري الذي يحتاج إلى سنوات أخرى من المذابح حتى يصل إلى مستوى الضوء في جلسات مجلس الأمن المبجل ذي صولجان الفيتو العظيم. أخيراً أيها السوري المسكين افهم الدرس أرجوك، فقد رماك المجتمع الدولي اليوم في يمّ الشياطين مكتوفاً بشظايا الرصاص والقذائف ولوعات الشوق وغرغرة الغرق في لجة البحار، أو في دموع أحبابك، وقال لك "إياك إياك ثم إياك أن تبتل بالغاز". لك الله.