لم تكد المنطقة تلتقط أنفاسها بعد الضربة الأميركية البريطانية الفرنسية على دمشق، حتى بدأت طبول حرب ضروس تقرع بقوة بين إسرائيل وإيران، قد تكون سورية مسرحها الوحيد، أو تتسع إلى لبنان، مما يكسبها بعداً أخطر.وبعد أيام من نشر معلومات عن طلب موسكو من طهران عدم الرد على ضرب إسرائيل قاعدة تيفور الجوية السورية، التي تضم قوات إيرانية ومربضاً ومركز تحكم للطائرات الإيرانية المسيرة، مما أدى إلى مقتل 14 نصفهم إيرانيون بينهم عقيد، علمت "الجريدة"، من مصادرها، أن موسكو استدعت قائد "فيلق القدس"، المسؤول عن العمل الخارجي في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، لمنع مواجهة تبدو، يوماً بعد يوم، حتمية بين إسرائيل وإيران.
جاء ذلك، وسط استنفار إسرائيلي عسكري واسع على الحدود الشمالية، وخصوصاً في هضبة الجولان، وبدرجة أقل على الحدود مع لبنان، وسط تقارير عن تكليف سليماني الرد على قصف إسرائيل مطار "تيفور".وقال مصدر عسكري إسرائيلي لصحف عبرية، أمس، إن "سليماني يقود حملة الانتقام الإيرانية، التي يمكن أن تكون وشيكة، بواسطة طائرات من دون طيار للاستطلاع والهجوم، وصواريخ تطلق على إسرائيل". وتزامن ذلك مع كشف تل أبيب عن 5 قواعد جوية سورية تستخدمها إيران في تهديد مباشر بإمكانية استهدافها.وفي طهران، عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أمس، جلسة ساخنة، لبحث موضوع الضربة الثلاثية على النظام السوري و"ضربة تيفور".
وعلمت "الجريدة" أن المرشد الأعلى علي خامنئي طلب، خلال الاجتماع، دراسة رد فوري على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الإيرانيين بشكل مباشر، إلا أن هناك أعضاء في المجلس الأعلى للأمن القومي قالوا إنه من الأفضل أن تأخذ إيران بنصيحة روسيا وتتريث فعلاً، لأن الإسرائيليين ينتظرون رداً إيرانياً، وأنه إذا كان لابد من رد فيجب أن يأتي عندما لا تنتظره إسرائيل.وأفاد مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي، لـ"الجريدة"، بأن الحرس الثوري بدأ تسيير قافلات تمويه في سورية، كي لا تستطيع إسرائيل كشف قافلات السلاح الأصلية، كما بدأ تغيير مراكز استقرار القوات التابعة لإيران في سورية بشكل منتظم، كي لا يتمكن الإسرائيليون من استهدافها.وفي واشنطن، اعتبرت مصادر أن "الضربة الثلاثية" تعد بداية، في وقت تتجه الأنظار إلى التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران، وبعدما بات واضحاً أن "إعادة النظر" في الانسحاب الفوري للقوات الأميركية من سورية، قد رسا على الشروط التي أوضحتها مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، وهي عدم استخدام الكيماوي، وعدم عودة "داعش"، وعدم توسع إيران، بات التركيز على ما يمكن أن يطرأ من أحداث ومواقف، قد تعجل بتدهور الأوضاع بين الطرفين، مع اقتراب المهلة التي حددها ترامب لمراجعة الاتفاق النووي من النفاد.ورجحت المصادر أن تشهد الأيام والأسابيع المقبلة، المتبقية قبل موعد 12 مايو المقبل، "تسخيناً" غير طبيعي لملف إيران، مضيفة أن طهران مجبرة على قراءة الموقف الروسي الذي اعتمد "الحياد" في مواجهة الضربة الثلاثية، لتستخلص منه العبر قبل أن تجد نفسها وحيدة في مواجهة أي تطورات.على صعيد متصل، أكدت مصادر أميركية أن مطاري الشعيرات والضمير في سورية تعرضا لضربة إسرائيلية مساء أمس الأول، لكن مصدراً إيرانياً قال إن إسرائيل شوشت على الرادارات الإيرانية والسورية، التي بدأت إصدار إنذارات كاذبة عن دخول أجسام مثل طائرة أو صاروخ إلى الأجواء السورية، مما فعّل منظومة الدفاع الجوي التي ردت بإطلاق صواريخ مضادة.وفيما بدا أنه مؤشر إلى استراتيجية أوسع قد تتكامل مع مساعي ترامب إلى سحب قواته من سورية، وفكرة مستشار الأمن القومي جون بولتون بشأن إشراك دول المنطقة في هذا الملف، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن «المملكة مستعدة لإرسال قوات إلى شمال وشرق سورية، حيث لا وجود لقوات الرئيس بشار الأسد».