الاستجواب المقدم لوزير النفط يتضمن محاور في غاية الخطورة، والتصدي لها من أهم الأولويات الوطنية، أولاً لأسباب أخلاقية تتعلق بالتلاعب بالأموال العامة، إما هدراً أو استحواذا عليها دون وجه حق، إضافة إلى سوء الإدارة والتنفيع المباشر، والضرب بكل أشكال المعايير المهنية والأداء الفني عرض الحائط، لكن الأهم من هذه الأسباب أن النفط هو المورد الوحيد لرزقنا في الكويت، وعندما يتعرض هذا المورد بشكل مباشر إلى الاستهداف والاستباحة فهذا يشخص عمق الفساد في عصب الدولة وعمودها الفقري.استحقاق الاستجواب يفرضه من جانب آخر تراكم التجاوزات الواردة في صحيفته وحمايتها من لدن القيادات النفطية، بشقيها الفني والسياسي منذ سنوات، حيث يمكن القول إن القطاع النفطي يشهد تفاصيل الجريمة المنظمة مع توافر الحصانة السياسية لها باستمرار، وهذه الحصانة السياسية من صنع أيدينا نحن ككويتيين، إما بقصد أو بدون قصد أحياناً، أو بسبب العقد والأمراض النفسية التي نعانيها أحياناً أخرى.
فعلى سبيل المثال، المحاور المهمة الواردة في الاستجواب، وفي حالة إثباتها بالقرائن والدلائل التي لا أشك في توافر الكثير منها، مدعاة لالتفاف كل مواطن يملك الحد الأدنى من الحس الوطني والغيرة الكويتية حولها ومحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الكوارث حساباً شديداً، فما بالك بالسادة النواب وهم من يملكون سلطة وأدوات هذا الحساب؟ إلا أن الازدواجية في المعايير والبطولات الجزئية على ناس وناس هي التي تحول دائماً دون إتمام مشاريع الإصلاح أو تحقيق العدالة، وهذا هو الخطأ الجسيم الذي أوقع مقدمَي الاستجواب الملياري نفسهما فيه، وأتمنى ألا يكونا سبب فشل هذا الاستجواب، فهذا الاستجواب القوي في محتواه ومضمونه وضع في قالب زجاجي هش يسهل كسره، وقد يكون هذا هو السيناريو المرجح.توقيت الاستجواب بشخص الوزير الحالي وانتمائه الاجتماعي هو أول جدار زجاجي يحيط به، وعلى العضوين الفاضلين تبرير تأجيل الاستجواب في عهد الوزير السابق بسبب انتمائه الاجتماعي أيضاً، فكلا الوزيرين يتحمل المسؤولية السياسية نفسها رغم أن التجاوزات الواردة لم تتم في عهد أي منهما.الجدار الزجاجي الآخر يتمثل بمواقف النائبين المستجوبين، ومن يتوقع أن ينضم إلى تأييدهما، من الاستجواب الأخير لوزيرة الشؤون، وسواءً اتفقنا أم اختلفنا فإن التبريرات نفسها التي تحصن بها المستجوبان الجديدان للتهرب من الموقف السياسي في ذلك الاستجواب سيتهرب عبره الكثير من الأعضاء في إطار ازدواجية المعايير أيضاً، ولعل هذا ما عكسته التصريحات النارية لمقدمَي الاستجواب مبكراً خشية الخذلان المرتقب من مجاميع مهمة من النواب لاحقاً.في كل الأحوال نتمنى استمرار الاستجواب وعدم إجهاضه إلى النهاية لتتكشف حقيقة أننا نحن الفخار الذي يكسر بعضه، في حين يلعب ويمرح الفاسدون دون حسيب أو رقيب حقيقي بمصداقية مبدئية راسخة!
مقالات - اضافات
الاستجواب الملياري!
20-04-2018