مصر| إثيوبيا والسودان يتجاهلان دعوة إلى «اجتماع النهضة»
• شكري يرفض «المماطلة»: مصر لن تقبل فرض أمر واقع
• الخرطوم تجدد المطالبة بحلايب
خيّم التوتر على العلاقات بين مصر من جهة وإثيوبيا والسودان من جهة أخرى، أمس، بعد سلسلة من تبادل الاتهامات حول المسؤول عن تعثر مفاوضات سد النهضة، في وقت عادت الخرطوم إلى المطالبة بمثلث حلايب وشلاتين المصري، مما دفع وزير الخارجية المصري إلى استخدام لغة أكثر حدة للدفاع عن حقوق مصر في مياه النيل.
بدأت مصر، أمس، تصعيد لهجتها في ملف سد النهضة الإثيوبي، بعد تعثر المفاوضات مع الجانبين الإثيوبي والسوداني، وتضاؤل فرص الوصول إلى حل وسط يحفظ حقوق القاهرة التاريخية في مياه نهر النيل، إذ استخدم وزير الخارجية المصرية سامح شكري لهجة جديدة تعكس الضيق المصري من أسلوب التعنت والمماطلة الذي تتبعه أديس أبابا لفرض سياسة الأمر الواقع.شكري قال، في تصريحات إعلامية، إن بلاده ترفض اتهامها بعرقلة مباحثات سد النهضة، مضيفا أن "أي مقولة فيما يتعلق بعرقلة مصر للتقدم غير صحيحة".وشدد على أن القاهرة تتعامل خلال المفاوضات بمنتهى المرونة، وأن من يدعي غير ذلك يريد تغيير حقيقة من يعوق المسار التفاوضي، لافتا إلى أن الدبلوماسية المصرية بذلت كل جهد ممكن خلال جولة مباحثات الخرطوم، وتفاوضت بحسن نية مع التقدير الكامل لمصالح الشركاء، ولم تطرح أي رؤية أحادية.
وأكد أن مصر أعلنت موافقتها على التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري الفرنسي الذي اختارته الدول الثلاث من أجل تقييم آثار السد على دولتي المصب، ووافقت على أن يواصل المكتب الاستشاري دراساته لكي يتم التأكد من أن مصر لن تتحمل أضرارا لن تستطيع استيعابها عند بدء ملء بحيرة السد، لكن الجانب الإثيوبي هو من يرفض اعتماد هذه الدراسة، مما أدى إلى توقف مسار التفاوض وتجميده.
تحذير ودفاع
وحذر شكري من أن مصر لن تقبل أن يفرض عليها وضع قائم من خلال فرض إرادة طرف على بقية الأطراف، وأن الحكومة المصرية مستمرة في الدفاع عن مصالح شعبها في مياه النيل بكل الوسائل التي تملكها.وكشف وزير الخارجية عن مصير الدعوة التي قدمها إلى نظيريه الإثيوبي والسوداني لعقد جولة مباحثات جديدة في القاهرة، قائلا إنه "للأسف لم نتلق أي رد من إثيوبيا أو السودان على هذه الدعوة، مما يعني أننا نفقد فرصة أخرى لتنفيذ التكليف الصادر من قادة الدول الثلاث بحل المسائل العالقة".وأشار إلى أن ما يحدث هو مزيد من فقد الوقت، فالمهلة التي أطلقها الزعماء الثلاثة خلال قمة أديس أبابا نهاية يناير الماضي، اقتصرت على شهر واحد فقط، وبدأت المهلة مطلع أبريل الجاري، أي أن المتبقي منها لا يتجاوز 15 يوما لحل المشاكل العالقة.وفشلت الجولة الأخيرة من المباحثات بين الدول الثلاث والتي أجريت في العاصمة السودانية الخرطوم، 5 أبريل الجاري، وحملت إثيوبيا مسؤولية فشل جولة المباحثات التي شارك فيها وزراء الخارجية والري ورؤساء المخابرات في الدول الثلاث، بسبب تمسك مصر بضرورة الاعتراف بحقها التاريخي في مياه النهر المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، وفقا لاتفاقية موقعة مع السودان عام 1959، إلا أن إثيوبيا لا تعترف بها.مثلث حلايب
في غضون ذلك، أطلّ التوتر من جديد على ملف العلاقات المصرية السودانية، بسبب تعثر ملف مفاوضات سد النهضة من ناحية، ثم عودة الخرطوم لإثارة ملف المطالبة بالسيادة على مثلث حلايب وشلاتين المصري، وصرح وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، أمام برلمان بلاده، أمس الأول، بأن هناك خيارين فقط لحل قضية حلايب لا ثالث لهما هما التفاوض أو التحكيم الدولي.وكشف أن "الإجراءات التصعيدية للجارة مصر وما شهدته الفترة من ديسمبر 2017 وحتى مارس 2018 بشأن المثلث من طمس للهوية السودانية وتغيير أسماء المرافق العامة وفرض سياسة الأمر الواقع وإجراء الانتخابات الرئاسية وغيرها، دفعنا لاستدعاء سفيرنا وتقدمنا بثلاث شكاوى لمجلس الأمن".وأكد أن "مثلث حلايب جزء لا يتجزأ من السودان"، وهاجم ما وصفه بالتصعيد المصري، مشيرا إلى رفض السودان أي استفتاء وأي تمصير لحلايب، وأي حديث عن إدارة مشتركة للمثلث الحدودي.في المقابل، أكد مصدر مصري رفيع المستوى، أن القاهرة تملك كل الوثائق والأدلة التي تثبت صحة موقفها في ملف حلايب، وأن السودان لا حق له في المطالبة بالمثلث، مشددا على أن التصريحات السودانية الغرض منها "الاستهلاك المحلي ليس إلا، لكن الغريب هو التوقيت الذي يأتي بالتوازي مع تعثر مفاوضات سد النهضة".زيارة تنزانيا
وبعد زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بوروندي، إحدى دول حوض النيل، منذ يومين، غادر مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، إبراهيم محلب، القاهرة أمس، باتجاه تنزانيا في زيارة رسمية بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي، إذ يسلم محلب رسالة من السيسي إلى نظيره التنزاني جون بومبيهماغوفولي، تتناول تأكيد أهمية دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، بما يحقق المنفعة المتبادلة، وتعد تنزانيا من دول حوض النيل الحليفة لمصر.من جهته، حلل الخبير في الشأن الإفريقي وملف نهر النيل، د. نادر نورالدين، الموقف الملتبس في منطقة حوض النيل الشرقي، قائلا، لـ"الجريدة"، إن "إثيوبيا تعمل كل ما في وسعها لفرض سياسة الأمر الواقع على مصر، عبر المماطلة لكسب الوقت، وإنهاء بناء السد، ثم العمل على تشغيله وبدء ملء البحيرة دون تقديم أي التزام بحقوق مصر في مياه النهر، وهي هنا تضغط على القاهرة التي ستجد نفسها أمام خيار وحيد وهو التلويح بالحرب".وتابع نور الدين: "المؤسف أن إثيوبيا تعتمد على السودان من أجل جر مصر في صراعات جانبية لإشغالها عن ملف سد النهضة، فالخرطوم باتت تدافع عن السد بأكثر مما تفعل أديس أبابا، وواضح جدا أن إثارة ملف حلايب الآن وبهذه الصورة التصعيدية الغرض منه إضعاف موقف مصر في مفاوضات المياه".
نادر نور الدين: أديس أبابا تضغط على القاهرة التي ستجد نفسها أمام خيار وحيد وهو التلويح بالحرب