سورية... والحرب المقبلة!
تصاعَد الحديث في الأيام الأخيرة عن احتمال اندلاع حرب طاحنة، تنطلق شرارتها من سورية؛ البعض يقدِّر ويرى أنها ستكون بين الأميركيين والروس، ومع كلٍّ من هاتين الدولتين حلفاؤها، والبعض يرجح أنها ستكون بين إسرائيل وإيران، وسيشارك فيها بالتأكيد نظام بشار الأسد، الذي حوّل هذا البلد العربي إلى ساحة صراع دولي تحتشد فيها كل هذه الجيوش المتعددة الغريبة. ويبدو، وهذا بات واضحاً ومعروفاً، أنّ إيران لا تسعى لحرب فعلية مفتوحة على شتى الاحتمالات مع إسرائيل، بل لاشتباكات محدودة؛ لتبرر وجودها العسكري والسياسي في سورية ولبنان والعراق... وأيضاً في اليمن، حيث باب المندب والبحر الأحمر، على أساس أنها في مواجهة مع "دولة العدو الصهيوني" وأن وجودها هذا كله من أجل تحرير فلسطين والقدس وهضبة الجولان وبعض المناطق التي يقال إنها لا تزال محتلة في الجنوب اللبناني.
يقول الإسرائيليون إنهم لم يعودوا قادرين على تحمل كل هذا الوجود الإيراني، العسكري وغير العسكري، في أخطر منطقة على "حدودهم" الشمالية! والواضح أن الأميركيين، إن هُمْ أرادوا فعلاً توجيه لكمة إلى أنف إيران، سيستخدمون القبضة الإسرائيلية، لأن استخدام قبضتهم سيفتح المجال لدخول روسيا على الخط، وبخاصة أن الرئيس فلاديمير بوتين ينتظر مثل هذا التطور المحتمل ليسدد حسابات مؤجلة مع الرئيس دونالد ترامب، وليرد على الإهانة التي وجهت إليه "شخصياً" بالضربة الثلاثية المعروفة ضد أهداف في سورية، أهمها أكبر المواقع "الكيماوية"! والحقيقة أنه لا يمكن أن تبقى هذه الأوضاع المتأججة في سورية الآن على ما هي عليه، فكل هذا الحشد والتحشيد العسكري قد ينفجر في حرب، لا بل في حروب، في أي لحظة يصل فيها "التصعيد" ذروته، فالمتناقضات أصبحت كثيرة، وأصبح تسديد الضربة المؤجلة متوقعاً، في أي لحظة، ولعل الأخطر في هذا كله أن هناك من يتحدث، جدياً، عن انفجار حرب عالمية ثالثة غير مستبعدٍ أن تُستخدم فيها، إن هي انفجرت، الأسلحة النووية والكيماوية وكل شيء. وهكذا، ورغم هذا كله، فإن الغريب والمستغرب أنّ بشار الأسد لا يزال يتصرف وكأن سورية لم تصل إلى كل هذه الأوضاع التي لا أخطر منها، وإلى ما هي عليه من حالة مأساوية، في حين أنه كان عليه أن يضحي بنظامه البائس هذا مبكراً، من أجل حلٍّ معقول يصح فيه ذلك المثل القائل: "لا يجوع الذئب ولا تفنى الأغنام". والمعروف أنّ قادةً أهمّ كثيراً منه وأنظمتهم أكثر رسوخاً من نظامه المتهاوي قد ضحَّوا بأنفسهم وبمواقعهم من أجل حماية بلدانهم من الدمار والخراب، ومن التمزق والتشظي، وهذا هو الذي يهدد سورية الآن جدياً، سواء اندلعت مواجهة مدمرة في هيئة حرب عالمية ثالثة، أو لم تندلع إلاّ مواجهة إيرانية - إسرائيلية.