أحيا المغني والمؤلف الموسيقي وعازف الكمان المحترف، العالمي الإيراني بيجان مرتضوي، حفلاً غنائياً وموسيقياً، حلّق به في سماء الإبداع الفني، عازفاً على أوتار قلوبنا بين آهات الكمان، ورياح موسيقية آتية من الشرق والغرب، في ليلة من العمر، أمس الأول، على مسرح الشيخ جابر العلي، ضمن الموسم الثقافي الأول لمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.كانت الأمسية كالرحلة الربيعية في أجواء جمال الطبيعة والمناظر الخلابة، بين معزوفات فولكلورية التي تصطحب المخيلة إلى القصور القديمة، ممزوجةً بموسيقى البوب الأكثر حداثة، إذ حمل عازف الكمان العالمي بيجان مرتضوي بعزفه الأسطوري شيئاً من موطنه الأصلي معه في مشوار اغترابه من إيران إلى كاليفورنيا، وهو يزور الكويت للمرة الأولى مقدماً مجموعة من أجمل مؤلفاته الموسيقية.
بدوره، قال مرتضوي الذي تحدث باللغتين الإنكليزية والفارسية، كما أنه حاول جاهداً إلقاء بعض المفردات العربية: "إنه شرف كبير لي أن أحيي حفلاً لأول مرة في منطقة الخليج، انطلاقاً من الكويت، وإنني أفتخر بذلك، وكذلك الالتقاء بهذا الشعب الكريم والمضياف، ورغم وجودي فيها 5 أيام فقط، فإنها ستحمل الكثير من الذكريات الجميلة في قلوبنا وذاكرتنا".كما وجه مرتضوي الشكر الجزيل إلى مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي على دعوته الكريمة لإحياء حفلين في مسرح الشيخ جابر العلي المخصص للموسيقى.
برنامج الحفل
وتضمن برنامج الحفل 27 عملاً موسيقياً وغنائياً، وهي: هدوء يسبق العاصفة، العاصفة، همسة، ليته يكون، الحياة، العاطل، رونق، محيط القطرة الواحدة، شيراز، دلال، هارموني الشرق والغرب، يقظة، لم تكن عاشقاً، يا قمر، ملحمي، موسيقى الخروج، موجة، نار على الجليد، رحل، خضرة، أنا والموسيقى، المنتشي، مالقا، وجود، صلاة، ما الحب، رقصة النار.واستمتع الجمهور الكويتي والجالية الإيرانية بأغنيات وموسيقى مرتضوي وبعزفه الساحر على آلة الكمان، حيث ردد الجمهور بعض المقاطع من أغنياته، إضافة إلى الإيقاع الزخرفي الذي لم يفارق كل فقرات الحفل، وما أن ينتهي من عمل إلا وقابله الحضور بتصفيق حار، والبعض يهتف بيجان، ولم يصدق الجمهور انتهاء الأمسية، فكان الختام بجنون الكمان بين يديّ مرتضوي، ختام ورحيل، ولم يرد أحد المغادرة، وراح الحضور يصفق وقوفاً لعدة دقائق تقديراً لهذه الموهبة الفذة.موهبة الطفولة
بيجان مرتضوي المولود في نوفمبر 1957 في مدينة (رامسار) شمال شرقي إيران على ضفاف القوقاز، كان طفلا لا يتجاوز عامه الثالث عندما بدأ بتعلم العزف على الكمان، على أيدي خمسة من أمهر العازفين حينذاك بينهم برويز ياحقي، وجهانكير كاميان، وعادل كريمي نيا، ليتعلم بعدها مهارات العزف الارتجالي، كما درس التقنيات المختلفة، مثل الارتجال وكتابة النوتة الموسيقية والتوزيع الهارموني.وفي السابعة من عمره لم يتوقف الطفل الموهوب عند حدود الكمان، بل تجاوزه إلى التعلم على آلات أخرى، فتمكن من العزف على الغيتار والبيانو والعود والآلات الإيقاعية إلى جانب الآلات الإيرانية الشعبية الوترية ومنها التار والسنتور، وحين بلغ الحادية عشرة من عمره حاز المركز الأول على مستوى بلاده في مسابقة الموسيقی لطلاب المدارس من جميع المراحل العمرية، وبعدها بثلاث سنوات قدّم في مخيم رامسار الصيفي أول مؤلفاته الموسيقية بمصاحبة أوركسترا مكونة من 32 عازفاً.وبعد الدراسة الثانوية، غادر إلى بريطانيا ليتخصص في الهندسة المدنية، مواصلاً العزف والتلحين والتدريب على الكمان، إضافة إلى إحيائه الحفلات الموسيقية. ثم سافر في عام 1979 الى ولاية تكساس الأميركية، كي يصقل موهبته بالدراسة الأكاديمية من خلال التخصيص في مجال الموسيقى، وغادر بعدها إلى كاليفورنيا في عام 1985، وليستقر هناك حتى الآن، وقد طرح ألبومه الموسيقي الأول عام 1990، الذي لاقى أصداءً واسعة محققاً مبيعات عالية، لينطلق بعدها في جولات محلية وعالمية حققت نجاحاً كبيراً، حيث نفدت كل تذاكر حفلاته التي أقيمت في أكبر واشهر المسارح، مثل رويال ألبرت هول في لندن، ومركز تورونتو للعروض الفنية، ومسرح الملكة اليزابيث في فانكوفر بكندا، ومسرح كوداك في لوس أنجلس وغيرها من المسارح العالمية.وبعد أربعة وثلاثين عاماً من العزف على آلة الكمان، وقف مرتضوي على المسرح اليوناني بلوس أنجلس في 3 يوليو 1994 كأول فنان إيراني، ليعرض موهبته الفذة بصحبة أوركسترا من 53 عازفا، وأمام جمهور قوامه 6400 شخص، في حفل بيعت تذاكره كاملة، عزف مرتضوي في هذا الحفل إحدى أجمل مقطوعاته بعنوان "Epic" التي كتبها عندما كان في الحادية عشرة من عمره، حيث شارك جمهوره في تحقيق حلم صباه بتقديم موسيقاه إلى العالم، وقدمها أيضاً هدية منه للجمهور الكويتي في حفل مركز جابر، إضافة إلى عزفه لأغنية "بنت الشلبية".نيل الدكتوراه
نال بيجان مرتضوي شهادة الدكتوراه من جامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة في 25 نوفمبر 2009، كما شارك في العديد من دروس إتقان تعليم الكمان بمستويات متعددة في دول مختلفة، وأسهم في تطوير موسيقى الشرق الأوسط المعاصرة بصورة أكاديمية في المملكة المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.يعرف بيجان مرتضوي بوصفه واحداً من أرفع المؤلفين الموسيقيين موهبة، حيث احتفت به الأوساط الموسيقية العالمية، ويتميز مرتضوي عن نظرائه بأنه يستطيع العزف بمهارة على كل الآلات المستخدمة في مؤلفاته الموسيقية، التي يصفها بأنها كلاسيكية بسيطة، يسعى من خلالها إلى التقريب بين الموسيقى الشرقية والغربية، وقد قدمت العديد من أغنياته بلغات مختلفة في دول كثيرة.الفرقة الموسيقية
تتألف فرقة مرتضوي الموسيقية من 24 عازفاً: بيجان مرتضوي (كمان- مغن)، كاشيار أحمدية بوندار (درامز - وقائد الفرقة)، عيسى هاشمي (بيانو)، محمد بوركي تشاليك (كيبورد)، صالح أفشار وفرهاد هاشمي (غيتار)، سيردار ساديكلار (بيزغتيار)، أمير زاري (إيقاع)، أرشان رحيمي (دف وطبلة)، ألبر سيامباس وألبر سميح ساري وبوسي كوركماز وديدم غوزل وغيزم أكايماك وهازال توزون (كمان)، شيفال إلالتونتاس وحسين أوتكو كابتشي وميرت أوزكان (تشيللو)، إبراهيم إمره أولصوي ومحمد غينيس نالكيران وتان غوفين (ترومبت) علي أولصوي وغوتيش كاردومان (ترومبون)، بوسي دوراك (فلوت).